تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٧
فساد هذا المذهب ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم العيد ثم نزل فذهب إلى النساء فوعظهن فقال: (تصدقن ولو من حليكن) فكن تتصدقن فجعلت المرأة تلقي حرصها وسخائها، فأمرهن عليه السلام بالصدقة وقبلها منهن، ولم يفصل بين متزوجة وغير متزوجة ولا بين من تصدقت بإذن زوجها أو بغير إذنه، فهذا القول في الحجر على الصغير، وبيان حكم قوله: " * (وابتلوا اليتامى) *)، فأما قوله: " * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) *) الآية.
حكم الكلام في الحجر على السفيه فاختلف العلماء فيه:
فقال أبو حنيفة ونفر: لا حجر على حر بالغ عاقل بوجه، ولو كان أفسق الناس وأشدهم تبذيرا. وهو مذهب النخعي، واحتجوا في ذلك بما روى قتادة عن أنس: أن حيان بن منقذ كان يخدع في البيع فأتى أهله النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن حيان بن منقذ يعقد وفي عقده ضعف فأحجر عليه.
فاستدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (لا تبع) فقال: لا أصبر عن البيع، فقال له: (إذا بايعت فقل لا خلابه ولك الخيار ثلاثا).
فلما سأله القوم الحجر عليه على ما كان في تصرفه من الغبن ولم يفعل، ثبت أنه لا يجوز.
قال الشافعي: إن كان مفسدا لماله ودينه أو كان مفسدا لماله دون دينه حجر عليه، وإن كان مفسدا لدينه مصلحا لماله فعلى وجهين:
أحدهما: يحجر عليه، وهو اختيار أبي العباس بن شريح.
والثاني: لا يحجر عليه، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي، والأظهر من مذهب الشافعي، وهو الذي ذكرناه من الحجر على السفيه، قول عثمان وعلي والزبير وعائشة وابن عباس وعبد الله بن جعفر، ومن التابعين شريح وبه قال من الفقهاء: مالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وادعى أصحابنا الإجماع في هذه المسألة، ما روى هشام بن عروة عن أبيه: أن عبد الله بن جعفر ابتاع أرضا سبخة بستين ألف درهم، فغبن فيها فأراد علي أن يحجر عليه، فأتى ابن جعفر إلى الزبير فقال: إني اشتريت وأن عليا يريد أن يأتي حبر المؤمنين فيسأله أن يحجر علي.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»