فصل في بسط الآية اعلم أن الوراثة كانت في الجاهلية بالرجولية والقوة، وكانوا يورثون الرجال دون النساء والأطفال، فأبطل الله عز وجل ذلك بقوله: " * (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب) *) وكانت الوراثة أيضا في الجاهلية، وبدأ الإسلام بالمحالفة قال الله: " * (والذين عقدت أيمانكم) *) يعني الحلفاء " * (فأتوهم نصيبهم) *) وأعطوهم حظهم من الميراث، ثم صارت بعد الهجرة، قال الله تعالى: " * (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) *) فنسخ هذا كله وصارت الوراثة على وجهين: بالسبب والنسب، فأما السبب فهو النكاح والولاء، وهذا علم عريض لذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالفرائض فإنها نصف العلم وهو أول علم ينزع من أمتي).
ولا يمكن معرفة ذلك إلا بمعرفة الورثة والسهام، وقد أفردت فيه قولا وجيزا جامعا كما يليق بشرط الكتاب والله الموفق للصواب.
اعلم أن الميت إذا مات يبدأ أولا بالتجهيز ثم بقضاء ديونه ثم بإنفاذ وصاياه، فما فضل يقسم بين الورثة، والورثة على ثلاثة أقسام:
منهم من يرث بالفرض، ومنهم من يرث بالتعصيب، ومنهم من يرث بهما جميعا، فصاحب الفرض: من له سهم معلوم ونصيب مقدر، مثل البنات والأخوات والأمهات والجدات والأزواج والزوجات، وصاحب التعصيب: من يأخذ جميع المال عند عدم أصحاب الفروض، أو يأخذ الفاضل منهم ويكون محروما إذا لم يفضل من أصحاب السهام شيء، مثل الأخ والعم ونحوهما، والذي يرث بالوجهين: هو الأب مع البنت وبنت الابن، يأخذ نصيبه المقدر وهو السدس، ثم يأخذ ما فضل منهما وجملة الورثة سبعة عشر، عشرة من الرجال: الابن وابن الابن وإن سفل والأب وأب الأب وإن علا والأخ وابن الأخ والعم وابن العم والزوج ومولى العتاق، ومن النساء سبع: البنت وبنت الابن والأم والجدة والأخت والزوجة ومولاة العتاق، والذين لا يسقطهم من الميراث أحد الستة، الأبوان والولدان والزوجان.
والعلة في ذلك: أنه ليست بينهم وبين الميت واسطة، والذين لا يرثون بحال ستة: العبد والمدبر والمكاتب وأم الولد وقاتل العمد وأهل الملتين، والسهام المحدودة في كتاب الله عز وجل ستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.