تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٥
وهو مقتول فوقف عليه ودعا ثم قرأ: " * (من المؤمنين رجال صدقوا) *) الآية، ثم قال صلى الله عليه وسلم (إن رسول الله يشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم وسلموا عليهم، فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه، يرزقون من ثمار الجنة وتحفها).
" * (فرحين) *) نصب على الحال والقطع من قوله " * (يرزقون) *).
وقرأ ابن السميقع: (فارحين) بالألف، وهما لغتان كالفرة والفأرة والحذر والحاذر والطمع والطامع والبخل والباخل.
" * (بما آتاهم الله من فضله) *) من ثوابه " * (ويستبشرون) *) يفرحون، وأصله من البشرة، لأن الإنسان إذا فرح ظهر أثر السرور في بشرة وجهه " * (بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) *) من إخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء في الدنيا على منهاجهم من الإيمان والجهاد، لعلمهم بأنهم إن استشهدوا لحقوا بهم فصاروا من كرائم الله عز وجل إلى مثل ما صاروا هم إليهم، فهم لذلك مستبشرون.
وقال السدي: يؤتى الشهيد بكتاب فيه من تقدم عليه من إخوانه وأهله فيقال: تقدم فلان عليك يوم كذا وتقدم فلان يوم كذا، فيستبشر حين يقدم عليه كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا.
" * (ألا خوف عليهم) *) يعني بأن لا خوف " * (عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله) *) يعني وبأن الله في محل الخفض على قوله: " * (بنعمة من الله وفضل) *).
وقرأ الكسائي والفراء والمفضل ومحمد بن عيسى: (وأن الله) بكسر الألف على الاستثناء، ودليلهم قراءة ابن مسعود " * (والله) *) (لا يضيع أجر المؤمنين).
قال الكلبي باسناده: إن العبد إذا لقى العدو في سبيل الله، فتح له باب من السماء وأطلعت عليه زوجتاه من الحور العين، فإذا أقبل على العدو يقاتلهم قالتا: اللهم وفقه وسدده، وإذا أدبر عن العدو قالتا: اللهم أعف وتجاوز، فإذا قتل يباهي الله عز وجل به الملائكة فيقول لهم: انظروا إلى عبدي بذل نفسه ودمه ابتغاء مرضاتي، فتقول الملائكة: يا رب أفلا تذهب فتنصره على من يريد قتله؟ فيقول لهم: خلوا عن عبدي، فقد سهر ونصب في طلب مرضاتي، أحب لقائي وأحببت لقاءه. فينزل إليه زوجتاه من الحور العين، ويأمر الله الملائكة أن يأتوه من آفاق الأرض، فيحبونه ويبشرونه بالجنة والكرامة من الله تعالى، فإذا فعلوا ذلك بعث الله إليهم:
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»