تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
وقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليردن الحوض من صحبتي أقوام حتى إذا رأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولن: أصحابي، أصحابي، فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى).
" * (وأما الذين ابيضت وجوههم) *) هؤلاء أهل طاعته والوفاء بعهده، " * (ففي رحمة الله) *): جنة الله " * (هم فيها خالدون) *) إلى " * (وما الله يريد ظلما للعالمين) *) فيعاقبهم بلا جرم.
" * (ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور كنتم خير أمة أخرجت) *) الآية قال عكرمة ومقاتل: نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ وسالم مولى أبي حذيفة، وذلك أن ابن الصيف ووهب بن يهود اليهوديين قالا لهم: إن ديننا خير مما تدعوننا إليه ونحن خير وأفضل منكم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) *) هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وروى جويبر عن الضحاك قال: هم أصحاب محمد خاصة الرواة الدعاة الذين أمر الله عز وجل بطاعتهم. يدل عليه ما روى السدي أن عمر الخطاب قال: " * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) *)، قال: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.
وعن عمر بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (طوبى لمن رآني ولمن رأى من رآني ولمن رأى من رأى من رأى من رآني).
الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه).
وقال آخرون: هم جمع المؤمنين من هذه الأمة وقوله: " * (وكنتم) *) يعني أنتم كقوله: " * (من كان في المهد صبيا) *) أي من هو في المهد. وإدخال (كان) واسقاطه في مثل هذا المعنى واحد، كقوله: " * (واذكروا إذ كنتم قليلا) *) وقال في موضع آخر: " * (واذكروا إذ أنتم قليل) *).
وقال محمد بن جرير: هذا بمعنى التمام، وتأويله: خلقتم ووجدتم خير أمة
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»