تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٢٩
ثم ذكر مناقبهم فقال: " * (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) *) إلى " * (لن يضروكم إلا أذى) *) الآية قال مقاتل: إن رؤوس اليهود كعبا وعديا والنعمان وأبا رافع وأبا ياسر وكنانة وأبو صوريا عمدوا إلى مؤمنيهم عبد الله بن سلام وأصحابه: فآذوهم لإسلامهم، فأنزل الله تعالى " * (لن يضروكم إلا أذى) *) يعني لن يضركم أيها المؤمنون هؤلاء اليهود إلا أذى باللسان يعني وعيدا وطعنا. وقيل: دعاء إلى الضلالة. وقيل: كلمة الكفر إن يسمعوها منهم يتأذوا بها " * (وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار) *) منهزمين، وهو جزم بجواب الجزاء، " * (ثم لا ينصرون) *) استأنف لأجل رؤوس الآي لأنها على النون، كقوله " * (ولا يؤذن لهم فيعتذرون) *). تقديرها: ثم هم لا ينصرون.
وقال في موضع آخر: " * (ولا يقضى عليهم فيموتوا) *)؛ إذ لم يكن رأس آية.
قال الشاعر:
ألم تسأل الربع القديم فينطق أي فهو ينطق.
قال الأخفش: قوله " * (لن يضروكم إلا أذى) *) استثناء خارج من أول الكلام، كقول العرب: ما اشتكى شيئا إلا خيرا، قال الله تعالى " * (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) *) ولأن هذا الأذى لا يضرهم. ومعناه لكن آذى.
" * (ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا) *): حيثما وجدوا ولقوا، يعني: حيث ما لقوا غلبوا واستضعفوا وقتلوا فلا يؤمنون " * (إلا بحبل) *): عهد من الله " * (وحبل من الناس) *): محمد والمؤمنين يردون إليهم الخراج فيؤمنونهم. وفي الكلام اختصار، يعني: إلا أن يعتصموا بحبل، كقول الشاعر:
رأتني بحبليها فصدت مخافة وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق أي أقبلت بحبليها.
وقال آخر:
حنتني حانيات الدهر حتى كأني خامل أدنو لصيد قريب الخطو يحسب من رآني ولست مقيدا أني بقيد
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»