تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
الحق أمينا عند صاحب الحق فلم يرتهن منه شيئا لثقته وحسن ظنه " * (فليؤد الذي أؤتمن) *). أفتعل من الأمانة، وهي الثقة كتبت همزتها واوا لاضمام ما قبلها " * (أمانته وليتق الله ربه) *). في أداء الحق.
ثم رجع إلى خطاب الشهود فقال: " * (ولا تكتموا الشهادة) *). إذا دعيتم إلى إقامتها، وقرأ السلمي: ولا يكتموا بالياء ومثله يعملون.
ثم ذكر وعيد كتمان الشهادة فقال عز من قائل: " * (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) *). فاجر قلبه وهو ابتداء وخبر. وقرأ إبراهيم بن أبي عيلة: فإنه أثم قلبه على وزن أفعل أي جعل قلبه أثما.
" * (والله بما تعملون عليم) *). من بيان الشهادة وكتمانها. روى مكحول عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كتم الشهادة إذا دعي، كان كمن شهد بالزور).
" * (لله ما في السماوات وما في الأرض) *). الآية. اختلف العلماء في هذه الآية، فقال قوم: هي خاصة. ثم اختلفوا في وجه خصوصها، فقال بعضهم: نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها يعني: " * (وإن تبدوا ما في أنفسكم) *). أيها الشهود من كتمان الشهادة " * (أو تخفوه) *). الكتمان " * (يحاسبكم به الله) *). وهو قول الشعبي وعكرمة ورواية مجاهد ومقسم عن ابن عباس، يدل عليه قوله فيما قبله: " * (ولا تكتموا الشهادة) *).
وقال بعضهم: نزلت هذه الآية فيمن يتولى الكافرين من المؤمنين. يعني: وإن تعلنوا ما في أنفسكم من ولاية الكفار أو تستروه يحاسبكم الله. وهو قول مقاتل والواقدي. يدل عليه قوله في آل عمران: * (* (قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه) *). من ولاية الكفار " * (يعلمه الله) *)) يدل عليه ما قبله.
وقال آخرون: هذه الآية عامة. ثم اختلفوا في وجه عمومها، فقال بعضهم: هي منسوخة.
روت الرواية بألفاظ مختلفة. قال: لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجثوا على الركب وقالوا: يا رسول الله والله ما نزلت آية أشد علينا من هذه الآية وإنا لا نسر أن يكون لأحدنا الدنيا وما فيها وإنا لمأخوذون ما نحدث به أنفسنا هلكنا والله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (هكذا نزلت). قالوا: هكلنا وكلفنا من العمل ما لا نطيق.
قال: (فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا).
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»