عائشة هذه معاتبة الله العبد بما يصيبه من الحمى والنكبة حتى الشوكة والبضاعة يضعها في (جيبه) فيفقدها فيفرغ لها فيجدها في جيبه، حتى أن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكيس).
يدل عليه قوله " * (من يعمل سوءا يجز به) *) يعني في الدنيا.
وقال مجاهد: في رواية منصور وابن أبي جريج قال: " * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) *). يعني من اليقين والشك.
وقال جعفر بن محمد: " * (وإن تبدوا ما في أنفسكم) *). يعني الإسلام " * (أو تخفوه) *). يعني الإيمان.
وقال بعضهم: " * (وإن تبدوا ما في أنفسكم) *). يعني ما في قلوبكم مما عرفتم وعقدتم عليه " * (أو تخفوه) *). فلا تبدوه وأنتم مجمعون وعازمون عليه، يحاسبكم به الله، فأما ما حدثتم به أنفسكم مما لم تعزموا عليه فإن ذلك مما لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولا يؤاخذ به. ودليل هذا التأويل قوله: " * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) *).
وعن عبد بن المبارك قال: قلت لسفيان: ليؤاخذ العبد بالهمة، قال: إذا كان عزما أخذ بها. وعن عمرو بن جرير قال: خرجت وأنا شاب لأمر هممت به، فمررت بأبي طالب القاص والناس مجتمعون عليه وكان أول شيء تكلم به أن قال: أيها الهام بالمعصية علمت أن خالق الهمة مطلع على همتك، قال: فخررت والله مغشيا علي، فما أفقت إلا عن توبة.
وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: أصابت بني إسرائيل مجاعة فمر رجل على رمل فقال: (وددت) أن هذا الرمل دقيق لي فأطعمه بني إسرائيل، فأعطي على نيته.
وعن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كان رجل يطوف على العلماء، يقول: من يدلني على عمل لا أزال منه عاملا لله عز وجل فإني أحب أن لا تأتي علي ساعة من الليل والنهار إلا وأنا عامل، فقيل له: قد وجدت حاجتك فأعمل الخير ما استطعت، فإذا فترت أو تركته فهم بعمله إن الهام بعمل الخير كعامله. وهذا يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم (نية المؤمن خير من عمله) لأن العمل ينقطع والنية لا تنقطع