وقال الجريري في قوله: * (والسابقون السابقون أولئك هم المقربون) * قال: إنما قربوا إلى ربهم لأنهم لم يكن لهم همة غيره.
وقال: في النفس أزواج ثلاثة فإذا استقامت للسبق استقامت: الروح بالرعاية والقلب بالحراسة والجوارح بالخدمة، والروح من الله الحياء والقلب الصفاء والجوارح الجزاء.
قال القاسم أضاف الله عز وجل الأفعال إلى عباده بقوله: * (والسابقون السابقون) * ثم قال: * (أولئك المقربون) * ولم يكونوا مقربين لما كانوا سابقين ولو كانت الأفعال إليهم حقيقة لكانوا مقربين ولم يكونوا مقربين.
سمعت عبد الله بن محمد الشعراني يقول سمعت أبا علي الجوزجاني يقول:
السابقون هم المقربون بالعطيات والمكرمون بالبشارات وهم العلماء بالله من بين البرية عرفوا الله حق معرفته وعبدوه بأخلص العبادة وانقادوا إليه بالشوق والمحبة فهم الذين قال الله: * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) *.
قوله تعالى: * (ثلة من الأولين) * قال سهل هم أهل المعرفة: * (وثلة من الآخرين) * هم الذين آمنوا بالكتب والرسل ومحمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: * (لا يصدعون عنها ولا ينزفون) * [الآية: 19].
قال جعفر: لا يذهل عقولهم عن موارد الحقائق ولا يغيبون عن مجلس المشاهدة بحال.
قوله تعالى: * (جزاء بما كانوا يعملون) * [الآية: 24].
قال الحسين: رد الشيخ إلى الشيخ والمخلوق إلى المخلوق لما كانت أفعالهم مخلوقة وأذكارهم مخلوقة معلولة جعل جزاءها فاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين وما يشبهها ولما كان فضله واحسانه إلى عباده بالدين وهو غير مخلوق جعل ثوابه وجزاءه مما يليق به فقال: * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) *.
قوله تعالى: * (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما) * [الآية: 25].
قال: ما ذاك بمشهد لغو ولا مكان إثم لأنه قدس بالاخوان المقدسين من العباد فلا يظهر منهم ولا عليهم إلا ما يصلح لذلك المقام.
قوله تعالى: * (إلا قيلا سلاما سلاما) * [الآية: 26].