تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٣١١
سمعت أبا الحسن الفارسي يقول: سمعت ابن عطاء يقول: ما شغل العبد عن الآخرة فهو الدنيا ومنهم من دنياه ضيعة عامرة ومنهم من دنياه تجارة دارة ومنهم من دنياه عزه وسلطانه ومنهم من دنياه عمله والمفاخرة به ومنهم من دنياه مجلسه ومختلفيه ومنهم من دنياه نفسه وشهوته كل أحد من الخلق مربوط منها بحظ.
وقال ذو النون: يا معشر المريدين لا تطلبوا الدنيا فإن طلبتموها فلا تحبوها فإ، الزاد منها والمقيل في غيرها.
وقال ابن عطاء: وضعت سياسة الدنيا على القوة والتدبير وسياسة الدين على ملازمة الأمر والنهي والقصد إلى الله على التبري من الحول والقوة.
قال سهل: الدنيا نفس نائمة والآخرة نفس يقظانة.
قوله تعالى: * (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) * [الآية: 21].
سمعت محمد بن شاذان يقول: سمعت أبا عمرو الأنماطي يقول: سمعت الجنيد قال: هذا الخطاب لما باشرته العقول نهضت مستحثة للجوارح بحسن التوجه لإقامة ما به يحظون عند من استجابوا لدعوته وفطنوا لإشارته وأقاموا تحت العلم بقربه وقرت عيونهم بما ورد على قلوبهم بالسرور بالخلوة جلاسا أناسا اكياسا لا يرهبون في الطريق غيره ولا يتوسلون إليه إلا به ولا يسألونه شيئا غير التمتع بخدمته وحسن المعرفة على موافقته.
سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا سعيد القرشي يقول في قوله:
* (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) * قال: سارعوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم يوجب لكم المغفرة.
قوله تعالى: * (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب) * [الآية: 22].
قال الجنيد: الصبر على درجات فصابر ما مسه من البلاء عين التدبير مخرجه ومن حقيقة الحكمة في الأزل كونه فلم يراجع لعلمه بما في القضاء لا محالة قبل أن ينسى أباه آدم عليه السلام إذ هو جزء من ذريته التي برأهم على مشيئته وأجرى عليهم ما شاء من نفاذ قدرته على ما سبق لهم منهم حيث قال: * (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) *.
فيسمع هذا من ربه وشهد بقلبه فوقع في الروح والراحة وانشرح صدره وهان عليه ما يصيبه.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»