المحنة التولي حملها بلا كلفة.
قال ذو النون - رحمة الله عليه -: الصبر التباعد عن المخالفات والسكوت عند تجرع غصص البلية وإظهار العناء مع حلول الفقر بساحة المعيشة.
وقال أبو سليمان الداراني: الأواب الذي لا يشغل إلا بربه.
وقال أبو حفص: الأواب الشاكر بالسر والعلانية عند فوادح الأمور.
سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا الحسن زرعان يقول في قوله: * (إنا وجدناه صابرا نعم العبد) * قال: معناه استلذ بوجود البلاء مع الله فاستزاد من البلاء وذلك في قوله: * (مسني الضر) * حيث ظهر على آثار العافية فإن العيش في البلاء مع الله عيش الخواص وعيش العافية مع الله عيش العوام.
سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا سعيد بن الاعرابي يقول في قوله: إنا وجدناه صابرا أي مستغنيا بربه في صبره فتم له الصبر بذلك واستوجب الثناء بقوله:
* (نعم العبد) *.
قوله تعالى: * (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) * [الآية: 46].
وليس من ذكر الله بالله كمن ذكر الله بذكر الله.
قال الواسطي - رحمة الله عليه -: أخلصناهم بخالصة لم يبق عليهم معها ذكر وهو الكونين وما فيهما.
وقال مالك بن دينار: نزع الله ما في قلوبهم من حب الدنيا، وأخلصهم بحب الآخرة.
قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: أخلصه للمحبة فاتخذه خليلا.
وقال ابن يعقوب السوسي: لما أخلصناهم بخالصة صفت قلوبهم لذكره عند ذلك ورقت أرواحهم بإرادته فهو في مكشوف ما تقدم لهم فالغيب * (سبقت لهم منا الحسنى) * ففازوا بدرجة المخلصين.
وقال فارس: أخبر الله عن المريدين انهم أهل الصفوة من عبادة الخالصة من خلقه بقوله: * (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) * [الآية: 46، 47]. فمن كان عنده خالصا كان وصفه شدة غلبة موافقة الحق على