تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
سئل الجنيد رحمة الله عليه من العبد؟ فقال الذي يكون مطروحا عند ربه كالميت في يد الغاسل لا يكون له تدبير ولا حركة وإنما تدبيره ما يدبر فيه وحركته كما يحرك.
قال بعضهم: العبد الذي لا يرى لنفسه ملكا ولا حكما بل الاملاك وما دارت عليه الأفلاك لسيده وعلامة صدق العبودية إظهار وسم العبودية فيه وهو الانكسار والتذلل والاستكانة والخضوع.
وسئل أبو حفص من العبد؟ قال من يرى نفسه مأمورا لا آمرا.
قال عبد العزيز المكي: الأواب: الذي لا يطيع طاعة ولا يفعل خيرا إلا استغفر منها.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم المصري يقول عن ابن عطاء في قوله * (أواب) *.
قال سريع الرجوع إلى ربه في كل نازلة تنزل به والأواب الراجع إليه الذي لا يستغنى بغيره ولا يستعين بسواه.
قوله عز وجل: * (ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق) * [الآية: 33].
قال أبو سعيد القرشي من غار لله وتحرك له فإن الله يشكر له ذلك الا ترى سليمان لما شغلته الأفراس عن الصلوات حتى توارت الشمس بالحجاب قال: ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق.
وقيل: إنه كان عشرون ألف فرس منقش ذوات أجنحة أخرجتهم الشياطين من البحر فشكر الله له صنيعه فقال فسخرنا له الريح أبدله مركبا اهنى منهم وانعم.
قال بعضهم: قالت النملة لسليمان عليه السلام تدري لم سخر لك الريح من جميع المملكة فقال لا قالت إنما فعل ذلك لتعتبروا لحكم أن جميع ما أعطيتك زواله كزوال الريح فلا تغتر به.
قوله عز وعلا: * (رب هب لي ملكا لا ينبغي) * [الآية: 35].
أي المعرفة بك حتى لا أرى معك غيرك ولا تشغلني بكثرة عروض الدنيا عنك.
قال سهل: الهم الله عز وجل سليمان أن يسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ليقصم به الجبابرة والكفرة الذين يخالفون ربهم ويدعون لأنفسهم قدرة وقوة من الجن والإنس فوقع من سليمان السؤال على اختيار الله له لا على اختياره لنفسه فقال حينئذ هب لي
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»