قال أبو سعيد الخراز: إني ذاهب إلى ربي لما فنى الموجود وانقطعت القدرة وثبت المشهود بلا شاهد قال: إني ذاهب إلى ربي.
قال الجنيد - رحمة الله عليه -: قوله * (إني ذاهب إلى ربي) * قال: كأنه نودي كيف تطلب الهداية وأنت تتبع نداء الهيبة بداء السؤال كقولك * (رب هب لي من الصالحين) * ثم أمر بذبح ابنه ليخلو سره لربه لأنه سأل الهدى والهداية، وخلو السر مما سوى الحق، فإذا آل الحق إليه وقف السؤال والالتفات والوسائط حتى تم له مقام الهداية.
قوله تعالى: * (فلما بلغ معه السعي) * [الآية: 102].
قال ابن عطاء: لما بلغ في الطاعة سعيه وقام بحقوق الله حسب ما رضى الخليل وقرت عينه بقيامه لحقوق مولاه وآنس الخليل به وفرح بمكانه قيل له اذبحه فإنه لا يصلح للخليل أن يعرج على شيء دون خليله ولا يفرح بسواه فابتلى بذبحه ثم اسلم وقام مقام الاستقامة واتبع الأمر فداه بذبح عظيم.
قوله عز وعلا: * (إني أرى في المنام أني أذبحك) * [الآية: 102].
قال بعضهم: القربان ما تقرب به العبد إلى ربه والتقرب غير القرب فإن التقرب للعابدين والقرب للعارفين.
سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد - رحمة الله عليه - يقول في قصة إبراهيم لما أمر بذبح ابنه حيث يقول: * (إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) * اتعزم على الصبر فيما حل من البلاء وإبراهيم عليه السلام خلا من مساكنة الاشتقاق الذي نشأ من صفة الطبع الذي لا يمكن النفوس مباينته في حين مسوس البلاء فتلقى ذلك بالاستبشار وحسن اللقاء بنفس قد برئت من وجود ما ابتليت به قد فارق الرحمة التي لولا التمسك بالعصمة لجمت النفس على مسألة صرف البلاء.
قال الواسطي - رحمة الله عليه -: نقل الله جل وعلا إبراهيم صلى الله عليه وسلم من حال البشرية إلى غيرها وهو انه لما امتحنه بذبح ابنه أراد أن يزيل عن سره محبة غيره وتثبيتا في محبته لأن وجود محبة الله في قلب إبراهيم مع رحمة الولد محال فنظر إلى أقرب الأشياء من قلبه ووحدانية الأقرب فأمر بذبحه وليس المبتغى منه تحصيل الذبح إنما هو اخلاء السر منه وترك عادة الطبيعة وحيث نودي وفديناه بذبح عظيم إني قد حصلت ما