تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
ملكا على نفسي فإني إن ملكت الدنيا ولا املك نفسي أكون عاجزا.
وقال أيضا: هب لي ملكا ثم رجع ونظر فيما سأل فقال: لا ينبغي لأحد من بعدي يسأل الملك فإنه يشغل عن الملك.
سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: إنما سأله ذلك لينال حسن الصبر في الكف عن الدنيا ويظهر جميل الاجتهاد فيها لأن الزاهد في الدنيا من نالها فصبر عنها.
قال جعفر: هب لي القنوع بقسمتك حتى لا يكون مع اختيارك اختيار.
قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: لما سأل سليمان عليه السلام من الله الملك سخر له الريح وأعمله بذلك أن ما سواه ريح لا بقاء له ولا دوام وأن العاقل من يكون سؤاله الباقي والدائم.
قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: سأله ملك الدنيا لينظر كيف صبره عن الدنيا مع القدرة عليها.
قال محمد بن علي في قوله: * (هب لي ملكا) * قال: هو أن لا يشغله عن ربه شيء مما آتاه من الملك فيكون حجة على ما بعده من الملوك وأبناء الدنيا.
قال محمد بن علي: في قوله * (هب لي ملكا) * كان سليمان بن داود عليه السلام في ملكه إذا دخل المسجد وجالس المساكين يقول: مسكين جالس مسكينا.
قوله عز وعلا: * (فسخرنا له الريح) * [الآية: 36].
قال ابن عطاء: لما طفق سليمان بالأفراس مسحا بالسوق والأعناق لما فاته من الصلاة بالاشتغال بهن شكر الله له ذلك وأبدله فرسا لا تحتاج إلى رائض ولا علف ولا يبول ولا يورث وهو الريح قال الله تعالى: * (فسخرنا له الريح تجري بأمره) * لأن الفرس خلق من الريح على ما ذكر عن الشعبي لما غار سليمان على فوت أمر الله وهي الصلاة وافنى الذي شغله عن ذكر الله عوضه الله عليه ما هو اجل مما ترك في جنب الله وهو تأديب بأن من شغله عن الله شيء فتركه واقبل على ربه عوضه الله عز وجل عليه ما هو خير وأبقى.
قوله تعالى: * (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) * [الآية: 39].
قال ابن عطاء - رحمة الله عليه - في هذه الآية: أمنن على من أردت بعطايانا فإنا لا
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»