تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ١٩٧
قال بعضهم: تعرف إليهم حتى عرفوه وبصرهم حتى أبصروه وذلك حين شرح قلوبهم برؤية الصنع واعمى ابصارهم عن النظر إلى سواه فبشرح الصدر عرفوه وبالعمى عن غيره أبصروه.
قال القاسم في قوله: * (على نور من ربه) * قال: الإيمان بالقدر.
قوله عز وعلا: * (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) * [الآية: 22].
قال الحسين: قسوة القلب بالنعم أشد من قسوته بالنسيان والشدة فإنه بالنعمة يشكر وبالشدة يذكر. وأنشد في معناه:
* قد كنت في نعمة الهوى بطرا * فأدركتني عقوبة البطر * وقال: من هم بشيء مما اباحه العلم تلذذا عوقب بتضييع العمر وقسوة القلب وتعب الهم في الدنيا.
وقال: عقوبة القلب الران والقسوة والعمى.
قال يحيى بن معاذ: قسوة القلب من اتباع الهوى.
قوله تعالى: * (قرآنا عربيا غير ذي عوج) * [الآية: 28].
سئل مالك بن أنس عن هذه الآية فقال: غير مخلوق.
قال الواسطي - رحمة الله عليه -: إن الله خلق الخلق فدعاهم إلى طاعته وقيض لهم عدوا أمكنه منهم وحذرهم بأسه ثم أيدهم بخطابه وحيا وتنزيلا كاملا يكلم القلوب وخطابا يقرع الأفئدة فسماه قرآنا وكتابا مبينا وهدى ورحمة ونورا وشفاء وذكرى وعلما وحكيما ومهيمنا ومباركا وحبلا وعهدا ومستقيما وقيما وصحفا مطهرة فالقرآن ما قرن من الحروف فصار كلاما كلم القلوب أي جرحها واثر عليها والكتاب هو النظام فكيف بنظام رب العالمين نظما والمبين الذي بين للخلق ما فيه والهدى اشتماله بما حشى فيه من عجائب الإشارات والرحمة وقاية تقيك كل سوء والنور قيما لأنوار إيمانك استنار الصدر والشفاء هو شفاء لسقم القلوب والذكر هو الشخوص بالقلب إلى الرب والعلى هو الذي علا الكتب فصار مهيمنا عليه وحكيما فاصلا يقطع الخطاب والحكمة فيها أسراره ومباركا من مهيمنته صار مباركا وحبلا وسببا واتصالا بينه وبين ربه وعهدا عهد إلى صاحبه فيه فنون مباره ومستقيما يقوم تاليه بالتدبر والتفكر وقيما شهيدا على من اتبع لأوامر فيه وصحفا مطهرة تطهر القلوب بركات لمعانة.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»