المرتبة فأخرج الرؤية بلطف، آنست أي أرى هذه النار مستأنس بها لا مستوحش منها فدنى منها فآنسه طهارة الموضع وما سمع فيه من مناجاة ربه وكلامه فتحقق بالانس.
قوله تعالى: * (فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة) * [الآية: 30].
قال الواسطي رحمة الله عليه: الوسائط في الحقيقة لا أوزان لها ولا اخطار وإنما هي علل لضعف الطاقات، كما جعل الوسائط بين موسى وبين الشجرة ناداه في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى ثم رفع الواسطة ثانيا فقال: * (يا موسى إني اصطفيتك) *.
قال القاسم: نودي من شاطئ الواد الأيمن لما سمع موسى الكلام خر صاعقا فجاءه جبريل وميكائيل فروحاه خروجه الأنس حتى افاق من الهيبة واستأنس بالانس مع الله فزال الرعب والفزع من قلبه فقال له يا موسى أنا الذي أكلمك من علوي وأسمعك من دنوي، ففي دنوى لا أخلوا من علوي وفي علوي لا أخلو من دنوي، يا موسى أنا الله الذي أدنيتك وقربتك وناجيتك عند ذلك قال له موسى: أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال له: أنا أقرب إليك منك.
قال أبو سعيد القرشي: ذكر الشجرة في وقت مخاطبته بالكلام ليطيق بذلك التعلل حمل موارد الخطاب عليه، كما تعلل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ' حبب إلى من دنياكم '. أي لست منها ولا هي مني إنما لي منها تعلل أتحمل به موارد الوحي علي.
سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا علي الروذباري يقول: الجبل الذي كلم الله عليه موسى كان من عقيق.
سمعت أبا بكر بن شاذان يقول: سمعت محمد بن علي الكتاني يقول: بلغني أن موسى بن عمران عليه السلام قال: يا رب بم اتخذتني كليما؟ فأوحى الله تعالى ذكره إليه تذكر يوما كنت ترعى غنما لشعيب فشردت منك شاة فعدت وغدوت على إثرها حتى إذا لحقتها ضممتها إلى صدرك وبستها وقلت يا حبيبتي لقد أتعبتني وأتعبت نفسك،