بالشكوى وقال: * (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) * [الآية: 24] يناجيه بلسان الافتقار وليس في الشكوى إلى المحبوب نقص.
قوله تعالى: * (فسقى لهما ثم تولى إلى الظل) * [الآية: 24].
قال أبو بكر بن طاهر: قضى عليه ما عليه من حق النصيحة للخلق والاهتمام بهم * (ثم تولى إلى الظل) * ثم رجع إلى اليقين والتوكل وقال: * (إني لما أنزلت إلي من خير فقير) * إني لما أبديت إلى من غناك وعنايتك وفضلك فقير إلى أن تغنيني بك عن كل من سواك.
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: نظر من العبودية إلى الربوبية فخشع وخضع وتكلم بلسان الافتقار بما ورد على سره من أنوار الربوبية فافتقاره افتقار العبد إلى مولاه في جميع أحواله لا افتقار سؤال ولا طلب.
قال أبو عثمان عرض عن السؤال بإظهار الحال والإخبار عنه.
قال الحسين: إني لما خصصتني من علم اليقين فقير إلى أن تردني إلى عين اليقين وحقه.
وقال جعفر: فقير إليك طالب منك زيادة الفقر إليك لأني لم استغن عنك بشيء سواك.
وقال أيضا: فقير في جميع الأوقات غير راجع إلى الكرامات والآيات دون الفقر إليك والإقبال عليك.
وقال فارس: * (إني لما أنزلت إلي من خير فقير) * قال: فقير إلى الطريق إلى قربك.
وقال أيضا: إني لما اعرفه من حسن اختيارك لي مفتقر ومحتاج إلى أن ترضيني بقضائك وقدرك فآنس به.
وقال أبو سعيد الخراز: الخلق مترددون بين ما لهم وبين ما إليهم فمن نظر إلى ماله تكلم بلسان الفقر ومن شاهد ما إليه تكلم بلسان الخيلاء والفخر ألا ترى إلى حال الكليم عليه السلام لما شاهد خواص ما خصه به الحق كيف قال: * (أرني أنظر إليك) * ولم يحتشم ولما نظر إلى نفسه كيف اظهر الفقر فقال: * (إني لما أنزلت إلي من خير فقير) *.