قال الخراز: والله ما هنىء آدم الجنة ولا سكناها، إذ جعل في جواره الأمر والنهي، ولو نظر آدم في نفس المكرمة إلى خفاء الأمر والنهي في ذلك المحل، ما هنأه نعيم دار السلام ولا استغف عن تلك الشجرة التي ابتلاه الله بالنهي خوفا، ولكنه أغفله لتقع به الهفوة التي من أجلها رأى الزلة وقامت بها الحجة، وأخرجه من جواره معنفا وسماه عاصيا.
قوله تعالى: * (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة) * [الآية: 22].
قال القرشي: قيل لآدم ادخل الجنة ولا تأكل من هذه الشجرة، فلما أكلا ناداهما ربهما والقول على معنى القرب، والنداء على حد البعد.
قوله تعالى: * (فدلاهما بغرور) *.
قيل: غرهما بالله ولولا ذلك ما اغتر.
وسئل بعضهم: ما الفرق بين آدم وبين إبليس وقد ترك كل واحد منهما الأمر.
فقال: آدم طالع الخطيئة فأذهلته الخطيئة عن الأمر فارتكب النهي، وظن إبليس أن للعبادات العظيمة عنده خطرا وأنه لا يقصد بالتعبد غيره، فنظر إلى الجنسين فقال: أنا خير منه فهلك، وإذا نظرت إلى شأنهما وجدتهما جريا تحت التلبيس، لكن أحدهما سومح والآخر لم يسامح.
قوله تعالى: * (فبدت لهما سوءاتهما) *.
قال: سوء الأدب في القرب ليس كسوء الأدب في البعد - وأيضا - لأن التوبة من الكفر تغفر لصاحبه لا محالة، والتوبة من الخطيئة لا تحكم بالقبول.
وقيل: يطالب الأنبياء بمثاقيل الذر، ولا تطالب العامة بذلك لبعدهم عن مصادر السر.
وقال بعضهم: * (بدت لهما سوآتهما) * قال: بدت لهما ولم يبد ذلك لغيرهما فهتك عنهما ستر العصمة.
قوله جل ذكره: * (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) * [الآية: 23].
قال الحسين: الظلم هو الاشتغال بغيره عنه.
وقال ابن عطاء: ظلمنا أنفسنا باشتغالنا بالجنة وطلبها عنك.