تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٢٢١
الوعد والوعيد، وميزان المعرفة والسر الرضا والسخط وكفتاه الهرب والطلب، وقد فسر في غير هذا الموضع.
قوله تعالى: * (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) * [الآية: 11].
قال بعضهم: أبدع الله الهياكل وأظهرها على أخلاق شتى وصور مختلفة، وجعل لكل شيء منها عيشا فعيش القلوب في الشهود، وعيش النفوس في الوجود، وعيش العبد معبوده، وعيش الخواص الإخلاص. وعيش الآخرة: العلم، وعيش الدنيا: الجهل والعمارة والاغترار بها.
قوله تعالى: * (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) * [الآية: 11].
قال أبو حفص: عرف الملائكة استغناءه عن عبادتهم فقال * (اسجدوا لآدم) * ولو كان سجودهم يزن عنده مثقال ذرة لما أمرهم بذلك ولصرف وجوههم إلى آدم، فإن سجود الملائكة وجميع خلقه لا يزيد في ملكه، لأنه عزيز قبل أن يخلقهم وعزيز بعد أن يفنيهم وعزيز حين يبعثهم وله العزة جميعا.
وقال بعضهم: قوله لإبليس أمر تكليف وقوله * (اخرج منها) * أمر إهانة، ولولا ذلك لامتنع منها كما امتنع من السجود، وكان سجود الملائكة لآدم تحية له وطاعة لهم.
قوله تعالى: * (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) * [الآية: 12].
قال الواسطي رحمة الله عليه: من استصحب كل نسك في الدنيا والآخرة، فالجهل وطنه والاعتراض عرضه، والبعد من الله سببه، لأن العبادات تقطع الدعيات، ورؤية النسك رؤية الأفعال والنفوس، ولا متوتب على الله أشد من طالع نفسه بعين الرضا.
قوله تعالى: * (أنا خير منه خلقتني من نار) *.
قال بعضهم: لما نظر إلى الجوهر والعبادة ظن أنه المسكين خير، وسبب فساد النفوس من رؤية الطاعات.
وقيل: لما قال إبليس: ' أنا ' قيل له: إن عليك اللعنة، ما أبعده إلا رؤية نفسه.
وقيل في قوله ' أنا خير منه ' توهم أن الجوهر من الكون على مثله وشكله في الخلقة، فضل من جهة الخلقة والجوهرية، ولم يعلم ولم يتيقن أن الفضل من المتفضل دون الجوهرية.
(٢٢١)
مفاتيح البحث: السجود (3)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»