قال سهل بن عبد الله: كانت ملة إبراهيم السخاء وحاله التبري من كل شيء سوى الله.
ألا تراه قال لجبريل صلى الله عليهما: ' أما إليك فلا ' لم يعتمد في الكونين سواه.
قال الواسطي رحمة الله عليه: حنيفا: أي مطهرا من أدناس الكون، خالصا للحق فيما يبدو له وعليه.
قال تعالى: * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) *.
قال الواسطي رحمة الله عليه: اتخذه فلما اتخذه اختص به.
قال ابن عطاء: اتخذه خليلا فلم يخالل سرائره شيئا غيره، وذلك حقيقة الخله وأنشد:
(قد تخللت مسلك الروح منى * وبذا سمى الخليل خليلا * (فإذا ما نطقت كنت حديثي * وإذا ما سكت كنت الغليلا * قال الحسن: اتخذه خليلا ولا صنع لإبراهيم فيه وذلك موضع المنة، ثم أثنى عليه بالخلة وذلك فعل الخلة.
وقال بعضهم: أخلاه عن الكل حتى كان له بالكلية.
قال الواسطي رحمة الله عليه: تخالله أنوار بره فسماه خليلا.
وقال محمد بن عيسى الهاشمي: سمي خليلا لأنه خلا به عما سواه.
سمعت منصورا يقول: سمعت أبا القاسم بإسناده عن جعفر بن محمد عليه السلام في قوله: * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) * قال: أظهر اسم الخلة لإبراهيم، لأن الخليل ظاهر في المعنى وأخفى اسم المحبة لمحمد صلى الله عليه وسلم لتمام حاله، إذ لا يحب الحبيب إظهار حال حبيبه، بل يحب إخفاءه وستره، لئلا يطلع عليه سواه ولا يدخل أحد فيما بينهما وقال لنبيه وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم لما أظهر له حال المحبة: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) *. أي: ليس الطريق إلى محبة الله إلا باتباع حبيبه وطلب رضاه.