تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٥٢٢
سورة النازعات 33 - 41 ثم وعظ أهل مكة فقال * (أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها) * يعني أبعثكم بعد الموت أشد أم خلق السماء في المشاهدة عند الناس خلق السماء أشد فالذي هو قادر على خلق السماء قادر على البعث ثم قال * (بناها) * يعني خلق السماء مرتفعة * (رفع سمكها) * أي سقفها بغير عمد * (فسواها) * يعني سوى خلقها ويقال خلقها مستوية بلا صدع ولا شق * (وأغطش ليلها) * يعني أظلم ليلها * (وأخرج ضحاها) * يعني أنوار ضحاها وشمسها ونهارها فإنها راجعة إلى السماء ثم قال عز وجل * (والأرض بعد ذلك دحاها) * يعني بعد خلق الأرض السماء بسط الأرض ومدها * (أخرج منها ماءها) * يعني من الأرض ماءها يعني عيونها للناس * (ومرعاها) * للدواب والأنعام قال القتبي هذا من جوامع الكلم حيث ذكر شيئين على جميع ما أخرج من الأرض قوتا ومتاعا للأنعام من العشب والشجر والحب والتمر والملح والنار لأن النار من العيدان والملح من الماء ثم قال عز وجل * (والجبال أرساها) * يعني أوتدها وأثبتها * (متاعا لكم ولأنعامكم) * يعني منفعة لكم ومنفعة لأنعامكم * (فإذا جاءت الطامة الكبرى) * يعني الصيحة العظمى وإنما سميت طامة لأنها طمت وعلت فوق كل شيء * (يوم يتذكر الإنسان ما سعى) * يعني يعلم بكل شيء عمله في الدنيا ويقال يوم ينظر الإنسان في كتابه بما عمل من الخير والشر * (وبرزت الجحيم) * يعني أظهرت الجحيم * (لمن يرى) * يعني لمن وجبت له * (فأما من طغى) * يعني كفر وعلا وتكبر * (وآثر الحياة الدنيا) * يعني اختار ما في الدنيا على الآخرة ويقال اختار العمل للدنيا على الآخرة * (فإن الجحيم هي المأوى) * يعني مأوى من كان هكذا ثم قال * (وأما من خاف مقام ربه) * يعني خاف المقام بين يدي ربه * (ونهى النفس عن الهوى) * يعني منع نفسه عن معاصي الله تعالى وعمل بخلاف ما تهوى من الحرام * (فإن الجنة هي المأوى) * يعني مأوى من كان هكذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخوف ما أخاف عليكم اثنان طول الأجل واتباع الهوى فأما طول الأجل فينسي الآخرة وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»