وجهي إلى الأرض ففعل إبراهيم فلما أمر السكينة على حلقه انقلبت فقال يا أبت ما لك قال قد انقلبت السكين قال فاطعن بها طعنا قال فطعن فانثنت قال فعرف الله عز وجل الصدق منه ففداه بذبح عظيم وقال هو إسحاق وروى أسباط عن السدي قال كان من شأن إسحاق حين أراد أبوه أن يذبحه أنه ركب مع أبيه في حاجة فأعجبه شبابه وحسن هيئته وكان إبراهيم حين بشر بإسحاق قبل أن يولد له قال هو إذا لله ذبيح فقيل لإبراهيم في منامه قد نذرت لله نذرا ف بنذرك فلما أصبح قال * (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك) * يقول قد أمرت بذبحك * (قال يا أبت افعل ما تؤمر) * قال فانطلق معي وأخبر أمك أنك تنطلق إلى أخوالك وأخذ إبراهيم معه حبلا ومدية يعني السكين فقال له يا أبتاه حدها فإنه أهون للموت فانطلق به حتى أتى به جبلا من جبال الشام فأضجعه وربط يديه ورجليه فقال له إسحاق يا أبتاه شد رباطي لكي لا أضطرب فيصيب الدم ثيابك فتراه سارة فتحزن فبكى إبراهيم بكاء شديدا وأخذ الشفرة فوضعها على حلقه وضرب الله تعالى على حلقه صفيحة نحاس فجعل يحز فلا تصنع شيئا فلما رأى إبراهيم ذلك قلبه على وجهه فضرب الله تعالى على قفاه صفيحة نحاس وبكيا حتى ابتلت الأرض من دموعهما فجعل يحز فلا تقطع شيئا فنودي * (أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) * ودونك هذا الكبش فهو فداه فالتفت إبراهيم فإذا هو بكبش أبيض أملح ينحط من الجبل وقد كان رعي في الجنة أربعين خريفا فخلى عن ابنه وأخذ الكبش فذبحه وقال وهب بن منبه قال إبراهيم لإسحاق * (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر) * ثم قال يا أبت إني أوصيك بثلاثة أشياء قال وكان إسحاق في ذلك اليوم ابن سبع سنين أحدهما أن تربط يدي لكيلا أضرب فأؤذيك والثاني أن تجعل وجهي إلى الأرض لكيلا تنظر إلى وجهي وترحمني والثالث أن تذهب بقميصي إلى أمي ليكون القميص عندها تذكرة مني فذلك قوله " فلما بلع معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى " قرأ حمزة والكسائي * (ماذا ترى) * بضم التاء يعني ماذا ترى من صبرك ويقال معناه ماذا تشير وقرأ الباقون بالنصب وهو من الرأي يعني ماذا ترى من صبرك ويقال معناه ماذا تشير فيما أمر الله به ويقال هو من المشورة والرأي قال أبو عبيد بالنصب تقرأ لأن هذا في موضع المشورة والرأي والآخر يستعمل في رؤية العين * (قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) * على الذبح سورة الصافات 103 - 111
(١٤١)