تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٢٦١
وروي عن سفيان الثوري أنه قال إنما يجب النهي عن المنكر إذا فعل فعلا يخرج عن الاختلاف ويقال إنما أمر بعض الناس بقوله * (ولتكن منكم أمة) * ولم يأمر جميع الناس لأن كل واحد من الناس لا يحسن الأمر بالمعروف وإنما يجب على من يعلم ويقال إن الأمراء يجب عليهم الأمر والنهي باليد والعلماء باللسان والعوام بالقلب وهنا كما قال صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال بحسب امرئ إذا رأى منكرا لا يستطيع النكير أن يعلم الله من قبله أنه كان وروي عن بعض الصحابة أنه قال إن الرجل إذا رأى منكرا لا يستطيع النكير عليه فليقل ثلاث مرات اللهم إن هذا منكر فإذا قال ذلك فقد فعل ما عليه ثم قال تعالى * (وأولئك هم المفلحون) * يعني الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هم الناجون ويقال فازوا بالنعيم ثم قال تعالى * (ولا تكونوا) * في الاختلاف * (كالذين تفرقوا) * وهم اليهود والنصارى * (واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) * فافترقت اليهود فرقا والنصارى فرقا فنهى الله المؤمنين عن ذلك ثم خوفهم فقال * (وأولئك لهم عذاب عظيم) * يعني دائم لا يرفع عنهم أبدا يعني الذين اختلفوا * (من بعد ما جاءتهم البينات) * يعني العلامات في أمر محمد صلى الله عليه وسلم أو بيان الطريق سورة آل عمران 106 - 107 ثم بين منازل الذين تفرقوا والذين لم يتفرقوا فقال عز وجل * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) * يعني يوم القيامة حين يبعثون من قبورهم تكون وجوه المؤمنين مبيضة ووجوه الكفار مسودة ويقال إن ذلك عند قراءة الكتاب إذا قرأ المؤمن كتابه فرأى في كتابه حسنات استبشر وابيض وجهه وإذا قرأ الكافر والمنافق كتابه فرأى في كتابه سيئات اسود وجهه ويقال إن ذلك عند الميزان إذا رجحت حسناته ابيض وجهه وإذا رجحت سيئاته اسود وجهه ويقال عند قوله " وامتزوا اليوم أيها المجرمون " يس 59 ويقال إذا كان يوم القيامة
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»