ثم قال تعالى * (ومن يعتصم بالله) * يقول يتمسك بدين الله * (فقد هدي) * يقول وفق وأرشد من الضلالة * (إلى صراط مستقيم) * يعني الطريق الذي يسلك به إلى الجنة وهو دين الإسلام سورة آل عمران 102 - 105 قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) * يقول أطيعوا الله حق طاعته وحق طاعته أن يطاع فلا يعصى طرفه عين وأن يشكر فلا يكفر طرفة عين وأن يذكر فلا ينسى طرفة عين فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى * (فاتقوا الله ما استطعتم) * التغابن 16 فنسخت هذه الآية هكذا قال الكلبي والضحاك ومقاتل وغيرهم من المفسرين إن هذه الآية منسوخة وقال بعضهم لا يجوز أن يقال هذه الآية منسوخة لأنه لا يجوز أن يأمرهم بشيء لا يطيقونه بل إنهم يطيقونه ولكن تلحقهم مشقة شديدة وكان ذلك مجهود الطاقة ولا يستطيعون الدوام عليه والله تعالى لا يكلف عباده إلا دون ما يطيقونه فخفف عنهم بقوله تعالى * (فاتقوا الله ما استطعتم) * التغابن 16 ولم ينسخ آخر الآية وهو قوله تعالى * (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * يعني اثبتوا على الإسلام وكونوا بحال يلحقكم الموت وأنتم على الإسلام قوله تعالى * (واعتصموا بحبل الله جميعا) * يقول تمسكوا بدين الله وبالقرآن ويقال تمسكوا بسبيل السنة والهدى * (ولا تفرقوا) * يقول ولا تختلفوا في الدين كاختلاف اليهود والنصارى ويقال لا تختلفوا فيما بينكم بالعداوة والبغضاء ويقال * (واعتصموا بحبل الله جميعا) * يعني اطلبوا النصرة من الله لا من القبائل والعشيرة ويقال " واعتصموا بحبل الله والرسول " يعني ما اشتبه عليكم فردوه إلى كتاب الله كقوله تعالى " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله " النساء 59 وقال بعض الحكماء إن مثل من في الدنيا كمثل من وقع في بئر فيها من كل نوع من الآفات فلا سبيل إلى النجاة منها إلا بالتمسك بحبل وثيق وهو كتاب الله تعالى ثم ذكر لهم نعمته فقال * (واذكروا نعمة الله عليكم) * يعني احفظوا نعمة الله عليكم بالإسلام * (إذ كنتم أعداء) * في لجاهلية * (فألف بين قلوبكم) * يقول جمع بين قلوبكم بالإسلام
(٢٥٩)