تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٣٧
ثم قال عز وجل * (والذين آمنوا أشد حبا لله) * لأن الكفار يعبدون أوثانهم في حال الرخاء فإذا أصابتهم شدة تركوا عبادتها والمؤمنون يعبدون الله تعالى في حال الرخاء والشدة فهذا معنى قوله * (والذين آمنوا أشد حبا لله) * فإن قيل إذا كان المؤمنون أشد حبا لله فما معنى قوله * (يحبونهم كحب الله) * قيل له يحتمل أن بعض المؤمنين حبهم مثل حبهم وبعضهم أشد حبا لله وفي أول الآية ذكر بعض المؤمنين الذين حبهم مثل حب الكفار وفي آخر الآية ذكر المؤمنين الذين هم أشد حبا لله والحب لله أن يطيعوه في أمره وينتهوا عن نهيه فكل من كان أطوع لله فهو أشد حبا له كما قال القائل " لو كان حبك صادقا لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع " ثم قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم * (ولو يرى) * يا محمد * (الذين ظلموا إذ يرون العذاب) * يعني حين يرون العذاب * (أن القوة لله جميعا) * وفي الآية مضمر ومعناها لو رأيت يا محمد الذين ظلموا في العذاب لرأيت أمرا عظيما كما تقول لو رأيت فلانا تحت السياط فتستغني عن الجواب لأن المعنى مفهوم فكذلك هاهنا لم يذكر الجواب لأن المعنى معلوم قرأ نافع وابن عامر * (ولو ترى) * بالتاء عبدة الأوثان اليوم ما يرون يوم القيامة أن الأوثان لا تنفعهم شيئا وأن القوة لله جميعا تركوا عبادتها وقرأ ابن عامر * (إذ يرون العذاب) * بضم الياء على معنى فعل ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون بنصب الباء على معنى الخبر عنهم وقرأ الحسن وقتادة * (أن القوة لله) * على معنى الابتداء وقرأ العامة * (أن القوة) * بالنصب على معنى البناء يعني بأن القوة لله وقوله عز وجل * (وأن الله شديد العذاب) * يعني للرؤساء والاتباع من أهل الأوثان قوله تعالى * (إذ تبرأ الذين اتبعوا) * يعني القادة * (من الذين اتبعوا) * وهم السفلة * (ورأوا العذاب) * أي حين رأوا العذاب * (وتقطعت بهم الأسباب) * يعني العهود والحلف التي كانت في الدنيا بينهم وقال القتبي * (الأسباب) * يعني الأسباب التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا وقال بعضهم * (وتقطعت بهم الأسباب) * أي الخلة والمواصلة كما قال في آية أخرى * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) * الزخرف 67 ويقال الأرحام والمودة التي كانوا يتواصلون بها فيما بينهم وقوله تعالى * (وقال الذين اتبعوا) * أي السفلة * (لو أن لنا كرة) * يعني رجعة إلى الدنيا وذلك أن الرؤساء لما تبرؤوا منهم ولا ينفعونهم شيئا ندمت السفلة على اتباعهم في الدنيا ويقولون في أنفسهم * (لو أن لنا كرة) * أي رجعة إلى الدنيا * (فنتبرأ) * من القادة * (كما تبرؤوا منا) * قال الله تعالى * (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) * لأنهم يرون أعمالهم غير مقبولة لأنها كانت لغير وجه الله تعالى فيكون ذلك حسرة عليهم
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»