أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٥٤٨
ومجاهد رواية وعطاء وأبو العالية والنخعي وعكرمة: " المحروم المجازف ". وقال الحسن: " المحروم الذي يطلب فلا يرزق ". وقال ابن عباس رواية ومجاهد: " المحروم الذي ليس له في الاسلام سهم "، وفي لفظ آخر: " الذي ليس له في الغنيمة شيء ". وقال عكرمة: " الذي لا ينمو له مال ". وقال الزهري وقتادة: " المحروم المسكين المتعفف ".
وقال عمر بن عبد العزيز: " المحروم الكلب ". قال أبو بكر: من تأوله على الكلب فإنه لا يجوز أن يكون المراد عنده بحق معلوم الزكاة، لأن إطعام الكلب لا يجزي من الزكاة، فينبغي أن يكون المراد عنده حقا غير الزكاة فيكون في إطعام الكلب قربة، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن في كل ذي كبد حرى أجرا وإن رجلا سقى كلبا فغفر الله له "، والأظهر في قوله: (حق معلوم) أنه الزكاة، لأن الزكاة واجبة لا محالة، وهي حق معلوم، فوجب أن يكون مرادا بالآية، إذ جائز أن ينطوي تحتها ويكون اللفظ عبارة عنها، ثم جائز أن يكون جميع ما تأول السلف عليه المحروم مرادا بالآية في جواز إعطائه الزكاة، وهو يدل على أن الزكاة إذا وضعت في صنف واحد أجزأ لأنه اقتصر على السائل والمحروم دون الأصناف المذكورة في آية الصدقات. وفرق الله تعالى في الآية بين السائل والمحروم لأن الفقير قد يحرم نفسه بتركه المسألة وقد يحرمه الناس بترك إعطائه، فإذا لم يسأل فقد حرم نفسه بترك المسألة، فسمي محروما من هذا الوجه، لأنه يصير محروما من وجهين: من قبل نفسه ومن قبل الناس، وقد روي عن الشعبي أنه قال: أعياني أن أعلم ما المحروم.
آخر سورة الذاريات.
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»