والإنصات إليهم، وهو مثل قوله تعالى: (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) [الأنعام: 68].
وقوله تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)، قيل فيه:
لا يهلكهم بظلم صغير يكون منهم. وقيل: بظلم كبير يكون من قليل منهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يهلك العامة بذنوب الخاصة " وقيل: لا يهلكهم وهو ظالم لهم، كقوله: (إن الله لا يظلم الناس شيئا) [يونس: 44]. وفيه إخبار بأنه لا يهلك القرى وأهلها مصلحون، وقال تعالى في آية أخرى: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة) [الإسراء: 58]، فدل ذلك على أن الناس يصيرون إلى غاية الفساد عند اقتراب الساعة ولذلك يهلكهم الله، وهو مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ".
قوله تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة). قال قتادة: يجعلهم مسلمين وذلك بالإلجاء إلى الإيمان، وإنما يكون الإلجاء بالمنع لأنهم لو راموا خلافه منعوا منه مع الاضطرار إلى حسنه وعظم المنفعة به.
قوله تعالى: (ولا يزالون مختلفين). قال مجاهد وعطاء وقتادة والأعمش: " أي مختلفين في الأديان يهودي ونصراني ومجوسي ونحو ذلك من اختلاف المذاهب الفاسدة ". وروي عن الحسن: " في الأرزاق والأحوال من تسخير بعضهم لبعض ".
قوله تعالى: (إلا من رحم ربك) إنما هو استثناء من المختلفين بالباطل بالإطلاق في الإيمان المؤدي إلى الثواب، فإنه ناج من الاختلاف بالباطل.
قوله تعالى: (ولذلك خلقهم)، روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك:
" خلقهم للرحمة ". وروي عن ابن عباس أيضا والحسن وعطاء: " خلقهم على علم منه باختلافهم "، وهي " لام " العاقبة، قالوا: وقد تكون " اللام " بمعنى " على " كقولك:
أكرمتك على برك ولبرك بي. آخر سورة هود عليه السلام.