في مشاع، ولا شفعة في بئر لا بياض لها ولا تحتمل القسم ". وقد روي وجوب الشفعة للجار عن جماعة من السلف، روي عن عمر وعن أبي بكر بن أبي حفص بن عمر قال: قال شريح: كتب إلي عمر أن أقضي بالشفعة للجار ". وروى عاصم عن الشعبي عن شريح قال: " الشريك أحق من الخليط، والخليط أحق من الجار، والجار أحق ممن سواه ". وروى أيوب عن محمد قال: " كان يقال الشريك أحق من الخليط، والخليط أحق ممن سواه ". وقال إبراهيم: " إذا لم يكن شريك فالجار أحق بالشفعة ". وقال طاوس مثل ذلك. وقال إبراهيم بن ميسرة: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز: " إذا حدت الحدود فلا شفعة "، قال طاوس: " الجار أحق ".
والذي يدل على وجوب الشفعة للجار ما روى حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرض ليس لأحد فيها شريك إلا الجار؟ فقال: " الجار أحق بسقبه ما كان ". وروى سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الجار أحق بسقبه ". وروى أبو حنيفة قال: حدثنا عبد الكريم عن المسور بن مخرمة عن رافع بن خديج قال: عرض سعد بيتا له، فقال: خذه فإني قد أعطيت به أكثر مما تعطيني ولكنك أحق به، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الجار أحق بسقبه ". وروى أبو الزبير عن جابر قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة بالجوار ". وروى عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجار أحق بسقبه ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا ". وروى ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجار أحق بسقبه ما كان ". وروى قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " جار الدار أحق بشفعة الجار "، وقتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " جار الدار أحق بالدار ". وروى سفيان عن منصور عن الحكم قال: حدثني من سمع عليا وعبد الله يقولان: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجوار " ويونس عن الحسن قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجوار ".
فاتفق هؤلاء الجماعة على الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما نعلم أحدا دفع هذه الأخبار مع شيوعها واستفاضتها في الأمة، فمن عدل عن القول بها كان تاركا للسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.