تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٦٨
تفسير سورة الانشقاق من الآية (16) إلى الآية (25].
ثم أقسم الرب عز وجل، فقال: * (فلا أقسم بالشفق) * [آية: 16] فأما الشفق فهو الضوء الذي يكون بعد غروب الشمس إلى أن تغيب، قال: * (واليل وما وسق) * [آية:
17] يقول: ما ساق من الظلمة * (والقمر إذا انسق) * [آية: 18] في ليلة ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، فهن البيض، فهو يستوى في الشهر ثلاث ليال يشتد ضوءه، ويجتمع من ثلاث عشرة، فأقسم الله عز وجل بالشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق * (لتركبن) * هذا العبد * (طبقا عن طبق) * [آية: 19] يقول: حالا بعد حال يقول: خلقا من نطفة، ثم صارت النطفة علقة، ثم صارت العلقة مضغة، ثم صارت إنسانا ميتا في بطن أمه، حتى نفخ فيه الروح، ثم صار إنسانا حيا، ثم أخرجه الله تعالى في بطن أمه، حتى نفخ فيه الروح، ثم صار إنسانا حيا، ثم أخرجه الله تعالى من بطن أمه، فكان طفلا، ثم يبلغ أشده، ثم شاخ وكبر، ثم مات ولبث في قبره، حتى صار ترابا، ثم أنشأه الله عز وجل بعد ذلك يوم القيامة.
قال: * (فما لهم لا يؤمنون) * [آية: 20] بالبعث وقد كانوا من قبل هذا الذي وصفته * (وإذا قرئ عليهم القرءان لا يسجدون) * [آية: 21] وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ذات يوم * (واسجد واقترب) * [العلق: 35]، فسجد وسجد المؤمنون معه، وكانت قريش يصفقون فوق رؤوسهم، ويصفرون وكان الذي يصفر قريب القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله: * (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) * [الأنفال: 35]، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجدوا وسخروا منه، وكان إذا قرأ آذوه بالصفير والتصفيق، فأنزل الله عز وجل: * (فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرءان لا يسجدون بل الذين كفروا) * يقول: لكن الذين كفروا * (يكذبون والله أعلم بما يوعون) * [آية: 23] يقول: بما يجمعون عليه من الإثم والفسوق * (فبشرهم) * يا محمد * (بعذاب أليم) * [آية: 24] يقول: عذاب وجيع لأهل مكة كلهم، ثم استثنى لعلم قد سبق، فقال: * (إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون) * [آية: 25].
* *
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»