فصافحوه وأداره جبريل على الملائكة في السماوات فاستبشروا به، وصافحوه، ورأى مالكا خازن النار، فلم يكلمه ولم يسلم عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل، عليه السلام: ' من هذا '؟ قال: هذا مالك خازن جهنم لم يتكلم قط، وهؤلاء النفر معه، فخزنة جهنم نزعت منهم الرأفة والرحمة، وألقى عليهم العبوس، والغضب على أهل جهنم، أما إنهم لو كلموا أحدا منذ خلقوا لكلموك لكرامتك على الله عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' قل له فليكشف عن باب منها '، فكشف عن مثل منخر الثور منها، فتخلخلت فجاءت بأمر عظيم، حسبت أنها الساعة حتى أهيل منها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لجبريل: ' مره فليردها '، فأمره جبريل، صلى الله عليه، فأطاعه مالك، عليه السلام، فردها، فذلك قوله: * (مطاع ثم أمين) * [آية: 21] يسمى أمينا لما استودعه عز وجل من أمره في خلقه.
* (وما صاحبكم بمجنون) * [آية: 22] يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن كفار مكة قالوا: إن محمدا مجنون، وإنما تقوله من تلقاء نفسه، * (ولقد رآه بالأفق المبين) * [آية: 23] يعني من قبل المطلع، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل، عليه السلام، في صورته من قبل المشرق بجبال مكة، قد ملأ الأفق وجلاه في الأرض، ورأسه في السماء، وجناح له من قبل المشرج، وجناح له من قبل المغرب، في صورة البشر، فقال: أنا جبريل، وجعل يمسح عن وجهه، ويقول: أنا أخوك أنا جبريل، حتى أفاق، فقال المؤمنون: ما رأيناك منذ بعثت أحسن منك اليوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' أتاني جبريل، عليه السلام، في صورته، فعلقني هذا من حسنه '.
* (وما هو على الغيب بضنين) * [آية: 24] بظنين، يعني وما محمد صلى الله عليه وسلم على القرآن بمتهم، ومن قرأ بضنين يعني ببخيل، * (وما هو بقول شيطن رجيم) * [آية: 25] يعني ملعون، وذلك أن كفار مكة، قالوا: إنما يجئ به الري، وهو الشيطان، واسمه الري فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فيها تقديم، يقول لكفار مكة: * (فأين تذهبون) * [آية: 26] يعنى أين تعجلون عن كتابي وأمري لقولهم إن محمدا مجنون * (إن هو إلا ذكر للعلمين) * [آية: 27] يعني ما في القرآن إلا تذكرة وتفكر للعالمين * (لمن شاء منكم) * يا أهل مكة * (أن يستقيم) * [آية:
28] على الحق، ثم رد المشيئة إلى نفسه، فقال: * (وما تشاءون) * الاستقامة * (إلا أن يشاء الله رب العالمين) * [آية: 29].
قوله: * (واليل إذا عسعس) * أظلم عن كل دابة، الخنافس، والحيات، والعقارب، والسباع، والوحوش.
* *