تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٧٩
ثم أخبر عن طعام الشقي، فقال: * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) * [آية: 6] وهي شجرة تكون بمكة كثيرة الشوك لا تقربها دابة في الأرض من شوكها، ولا يستطيع أحد أن يمسها من كثرة شوكها، وتسميها قريش، وهي رطبة في الربيع الشبرق، وتصيب الإبل من ورقها في الربيع ما دامت رطبة، فإذا يبست لم تقربها الإبل، وما من دابة في الأرض من الهوام والسباع، وما يؤذى بني آدم إلا مثلها في النار سلطها الله عز وجل على أهلها، لكنها من نار، وما خلق الله شيئا في النار إلا من النار، ثم قال: * (لا يسمن ولا يغني من جوع) * [آية: 7] فإنهم لا يطعمون من أجل الجوع، وإنما من أجل العذاب.
ثم ذكر أولياءه من أهل طاعته، فقال: * (وجوه يومئذ ناعمة) * [آية: 8] يعنى فرحة شبه الله عز وجل وجوههم بوجوه قوم فرحين، إذا أصابوا الشراب طابت أنفسهم، فاجتمع الدم في وجوههم، فاجتمع فرح القلوب وفرح الشراب، فهو ضاحك الوجه مبتسم طيب النفس، ثم قال: * (لسعيها راضية) * [آية: 9] يعنى قد رضى الله عمله، فأثابه الله عز وجل ذلك بعمله.
قال: * (في جنة عالية) * [آية: 10] وإنما سمها عالية لأن جهنم أسفل منها، وهي دركات، والجنة درجات، ثم قال: * (لا تسمع فيها لغية) * [آية: 11] يقول: لا يسمع بعضهم من بعض غيبة، ولا كذب، ولا شتم، قوله: * (فيها عين جارية) * [آية: 12] يعنى في الجنة لأنها فيها تجري الأنهار * (فيها سرر مرفوعة) * [آية: 13] منسوجة بقضبان الدر والذهب عليها سبعون فراشا، كل فراش قدر غرفة من غرف الدنيا، فذلك قوله: * (سرر مرفوعة) *.
وأكواب موضوعة) * [آية: 14] يعنى مصفوفة وهي أكواب من فضة، وهي من الصفاء مثل القوارير مدورة الرؤوس ليس لها عرى ولا خراطيم، * (ونمارق مصفوفة) * [آية: 15] يعني الوسائد الكبار العظام مصفوفة على الطنافس، وهي بلغة قريش خاصة، ثم قال:
* (وزرابى مبثوثة) * [آية: 16] يعنى طنافس مبسوطة بعضها على بعض، يذكرهم الله عز وجل صنعه ليعتبر عباده فيحرصوا عليها، ويرغبوا فيها، ويحذروا النار، فإن عقوبته على قدر سلطاته وكرامته قدر سلطانه.
ثم ذكر عجائبه، فقال: * (أفلا ينظرون إلى الإبل) * لأن العرب لم يكونوا رأوا الفيل، وإنما ذكر لهم ما أبصروا، ولو أنه قال: أفلا ينظرون إلى الفيلة * (كيف خلقت) * [آية:
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»