الراغبون، ثم قال: * (ومزاجه من تسنيم عينا) * من جنة عدن، فتنصب عليهم أنصبابا، فذلك قوله: * (يشرب بها المقربون) * [آية: 28] يقول:
يشربون به الخمر من ذلك الماء، وهم أهل جنة عدن، وهي أربعة جنان، وهي قصبة الجنة، ماء تسنيم يخرج من جنة عدن، والكوثر، والسلسبيل، ثم انقطع الكلام، قوله: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون) * [آية: 29] نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وأصحابه، وذلك أنهم كانوا يمرون كل يوم على المنافقين واليهود وهم ذاهبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رأوهم سخروا منهم وتغامزوا في أمرهم، وضحكوا منهم، وإذا رجعوا إلى أصحابهم، ضحكوا منهم، وذلك أن عبد الله بن نتيل لقى بدعة بن الأقرع، فقال:
أشعرت أنا رأينا اليوم الأصلع فضحكنا من؟ قال: كيف؟ قال: لأنه يمشى بين أيديهم، وهم خلفه لا يجاوزنه، كأنه هو الذي يدلهم على الطريق، فسمع بذلك أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، فشق عليه وعلى أصحابه فتركوا ذلط الطريق وأخذوا طريقا آخر، فأنزل الله عز وجل فيهم: * (إذن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون) *. * (وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين) * [آية: 31] يعني عبد الله بن نتيل، يعني إذا راجعوا إلى قومهم رجعوا معجبين بما هم عليه من الضلالة بما فعلوا بعلي وأصحابه، رحمهم الله: * (وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حفظين) * [آية: 33].
ثم أخبر بجزائهم على الله تعالى: * (فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون على الأرائك) * والأرائك السرير في الحجلة، يقول:
جلوس في الحجلة يضحكون من أعدائهم، وذلك أن لكل رجل من أهل الجنة ثلمة، ينظرون إلى أعداء الله كيف يعذبون؟
فإذا نظروا إلى أهل النار وما يلقون هم من رحمة الله عز وجل، وعرفوا أن الله قد أكرمهم، فهم ضاحكون من أهل النار، ويكلمونهم حتى يطبق على أهل النار أبوابها في عمد من حديد من نار كأمثال الجبال، فإذا أطبقت عليهم انسدت تلك الكوى، فيمحو الله أسماءهم ويخرجهم من قلوب المؤمنين، فذلك قوله: * (ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) * [آية: 36] يعنى ينظرون من الكوى، فإذا رأوهم، قالوا: والله قد ثوب الكفار ما كانوا يفعلون.
* *