تفسير سورة الرعد من آية: [17 - 18].
ثم ضرب الله تعالى مثل الكفر والإيمان، ومثل الحق والباطل، فقال: * (أنزل من السماء مآء فسالت أودية بقدرها) *، وهذا مثل القرآن الذي علمه المؤمنون، وتركه الكفار، فسال الوادي الكبير على قدر كبره، منهم من حمل منهم كبيرا، والوادي الصغير على قدره، * (فاحتمل السيل) *، يعني سيل الماء، * (زبدا رابيا) *، يعني عاليا، * (ومما يوقدون عليه في النار) * أيضا، * (ابتغاء حلية) *، يعني الذهب، والفضة.
ثم قال: * (أو متع) *، يعني المشبه، والصفر، والحديد، والرصاص، له أيضا * (زبد مثله) *، فالسيل زبد لا ينتفع به، و الحلى والمتاع له أيضا زبد، إذا أدخل النار أخرج خبثه، ولا ينتفع به، والذهب والفضة والمتاع ينتفع به، ومثل الماء مثل القرآن، وهو الحق، ومثل الأودية مثل القلوب، ومثل السيل مثل الأهواء، فمثل الماء والحلى والمتاع الذي ينتفع به مثل الحق الذي في القرآن، ومثل زبد الماء، وحيث المتاع الذي لا ينتفع به مثل الباطل، فكما ينتفع بالماء، وما خلص من الحلى، والمتاع الذي ينتفع به أهله في الدنيا، فكذلك الحق ينتفع به أهله في الآخرة، وكما لا ينتفع بالزبد وخبيث الحلى والمتاع أهله في الدنيا، فكذلك الباطل لا ينتفع أهله في الآخرة، * (كذلك يضرب الله الحق والبطل فأما الزبد فيذهب جفآء) *، يعني يابسا لا ينتفع به الناس كما ينتفع بالسيل، * (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) *، فيستقون ويزرعون عليه وينتفعون به، يقول: * (كذلك يضرب الله الأمثال) * [آية: 17]، يعني الأشباه، فهذه الثلاثة الأمثال ضربها الله في مثل واحد.
* (للذين استجابوا لربهم الحسنى) *، لهم في الآخرة، وهي الجنة، * (والذين لم يستجيبوا له) * بالإيمان وهم الكفار، * (لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه) *، فقدروا على أن يفتدوا به أنفسهم من العذاب، * (لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب) *، يعني شدة الحساب حين لا يتجاوز عن شئ من ذنوبهم، * (ومأواهم) *