بعضه إلى بعض، ويسوقه بتسبيحه إلى الأرض التي أمر الله تعالى أن تمطر فيها، ثم قال:
* (و) * تسبح * (والملائكة) * بزجرته * (من خيفته) *، يعنى من مخافة الله تعالى، فميز بين الملائكة وبين الرعد، وهما سواء كما ميز بين جبريل وميكائيل في البقرة، وكما ميز بين الفاكهة، وبين النخل والرمان وهما سواء.
ثم قال: * (ويرسل الصوعق) *، هذا أنزل في أمر عامر، والأربد بن قيس، حين أراد قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عامر بن الطفيل العامري دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
أسلم على أن لك المدر ولى الوبر؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ' إنما أنت امرؤ من المسلمين، لك ما لهم، وعليك ما عليهم '، قال: فلك الوبر ولى المدر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، قال:
فلى الأمرين من بعدك، قال له النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله الأول: ' لك ما لهم، وعليك ما عليهم '، فغضب عامر، فقال: لأملانها عليك خيلا، ورجالا، ألف أشقر، عليها ألف أمرد.
ثم خرج مغضبا، فلقى ابن عمه أربد بن قيس العامري، فقال عامر لأربد: ادخل بنا على محمد، فألهيه في الكلام، وأنا أقتله، وإن شئت ألهيته بالكلام وقتلته أنت، قال أربد:
ألهه أنت وأنا أقتله، فدخلا على النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحدثه وهو ينظر إلى أربد متى يحمل عليه فيقتله، ثم طال مجلسه، فقام عامر وأربد فخرجا، فقال عامر لأربد:
ما منعك من قتله؟ قال: كلما أرادت قتله وجدتك تحول بيني وبينه، وأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما أرادا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، فقال: ' الهم اكفني عامرا وأربدا، واهد بني عامر '، فأما أربد، فأصابته صاعقة فمات، فذلك قوله تعالى: * (ويرسل الصواعق) * * (فيصيب بها من يشاء) *، يعني أربد بن قيس، * (وهم يجدلون في الله) *، يعني يخاصمون في الله.
وذلك أن عامرا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني عن ربك، أهو من ذهب، أو من فضة، أو من نحاس، أو من حديد، أو ما هو؟ فهذا القول خصومته، فأنزل الله تعالى: * (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) * [سورة الإخلاص]، يقول:
ليس هو من نحاس ولا من غيره، وسلط الله عليه الطاعون في بيت امرأة من بني سلول، فجعل يقول: عامر قتيل بغير سلاح، غدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية، أبرز يا ملك الموت حتى أقاتلك: فذلك قوله: * (وهو شديد المحال) * [آية: 13]، يعنى الرب