ثم إن طعمة اطلع في دار أبي مليك، فقال: هذا درع في دار أبي مليك، فلا أدري هي لكم أم لا؟ فأخذوا الدرع، ثم إن قوم طعمة، قتادة بن النعمان وأصحابه، قالوا:
انطلقوا بنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلنبرئ صاحبنا، ونقول: إنهم أتونا ليلا ففضحونا، ولم يكن معهم رسول من قبلك ونأمرهم أن يبرءوا صاحبنا لتنقطع ألسنة الناس عنا بما قذفونا به، ونخبره أنها وجدت في دار أبي مليك، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه فصدق النبي صلى الله عليه وسلم طعمة وأبرأه من ذلك، وهو يرى أنهم قد صدقوا، فأنزل الله تعالى: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب) *، يعني القرآن * (بالحق) * لم ننزله باطلا عبثا لغير شئ، * (لتحكم) *، يعني لكي تحكم * (بين الناس بما أراك الله) *، يعني بما علمك الله في كتابه، كقوله سبحانه: * (ويرى الذين أوتوا العلم) * [سبأ: 6]، * (ولا تكن للخائنين خصيما) * [آية: 105]،، يعني طعمة.
ثم قال: * (واستغفر الله) * يا محمد عن جدالك عن طعمة حين كذبت عنه، فأبرأته من السرقة، * (إن الله كان غفورا رحيما) * [آية: 106]، فاستغفر النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك، * (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) *، يعني طعمة، * (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) * [آية: 107] في دينه أثيما بربه، * (يستخفون) *، يعني يستترون بالخيانة * (من الناس) *، يعني طعمة، * (ولا يستخفون من الله) *، ولا يشترون بالخيانة من الله، * (وهو معهم إذ يبيتون) *، يعني إذ يؤلفون * (ما لا يرضى من القول) *، لقولهم: إنا نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنقول له كذا وكذا، فألقوا قولهم بينهم، يعني قتادة وأصحابه ليدفعوا عن صاحبهم ما لا يرضى الله من القول، * (وكان الله بما يعملون محيطا) * [آية: 108]، يعني أحاط علمه بأعمالهم، يعني قوم الخائن قتادة بن النعمان وأصحابه.
ثم قال يعينهم: * (هأنتم هؤلاء) * قوم الخائن * (جادلتم عنهم) * نبيكم * (في الحياة الدنيا) * عن طعمة، * (فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا) * [آية: 109]، يعني به قومه، يقول: أم من يكون لطعمة مانعا في الآخرة، ثم عرض على طعمة التوبة، فقال: * (ومن يعمل سوءا) *، يعني إثما، * (أو يظلم نفسه) *، يعني قذف البرئ أبا مليك، * (ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) * [آية: 110].
* (ومن يكسب إثما) *، يعني طعمة، * (فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما