تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٢٥٧
الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما) * [آية: 114]، يعني جزاء عظيما، فأنزل الله عز وجل في قولهم: * (ومن يشاقق) *، يعني يخالف، * (الرسول من بعد \ ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل) *، يعني غير دين * (المؤمنين نوله ما تولى) * من الآلهة، * (ونصله جهنم وساءت مصيرا) * [آية: 115]، يعني وبئس المصير.
فلما قدم طعمة مكة، نزل على الحجاج بن علاط السلمى، فأحسن نزله، فبلغه أن في بيته ذهبا، فلما كان من الليل خرج فنقب حائط البيت، وأراد أن يأخذ الذهب وفي البيت مسوك يابسة مسوك الشاء قد أصابها حر الشمس ولم تدبغ، فلما دخل البيت من النقب وطئ المسوك، فسمعوا قعقعة المسوك في صدره عند النقب، وأحاطوا بالبيت، ونادوه: اخرج فإنا قد أحطنا بالبيت، فلما خرج إذا هم بضيفهم طعمة، فأراد أهل مكة أن يرجموه فاستحيا الحجاج لضيفه، وكانوا يكرمون الضيف فأهزوه وشتموه، فخرج من مكة، فلحق بحرة بني سليم يعبد صنمهم، ويصنع ما يصنعون حتى مات على الشرك، فأنزل الله عز وجل فيه: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) *، يعني يعدل به، فيموت عليه، * (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) *، يعني ما دون الشرك لمن يشاء، فمشيئته لأهل التوحيد، * (ومن يشرك بالله فقد ضل) * (عن الهدى) * (ضلالا بعيدا) * [آية: 116].
ثم إن أبا مليك عاش حتى استخلف عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فحلف بالله لعمر، رضي الله عنه، لا يولى راجعا، فلما كان يوم القادسية انهزم المشركون إلى الفرات وجاءت أساورة كسرى، فهزموا المسلمين إلى قريب من الجيش، فثبت أبو مليك حتى قتل، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقال أبو مليك: صدق الله وعده:
* (إن يدعون من دونه إلا إناثا) *، يعني أوثانا، يعني أمواتا اللات والعزى، وهي الأوثان لا تحرك ولا تضر ولا تنفع، فهي ميتة، * (وإن يدعون) *، يعني وما يعبدون من دونه، * (إلا شيطانا) *، يعني إبليس، زين لهم إبليس طاعته في عبادة الأوثان * (مريدا) * [آية: 117]، يعني عاتيا تمرد على ربه عز وجل في المعصية، * (لعنة الله) * حين كره السجود لآدم صلى الله عليه وسلم، * (وقال) * إبليس لربه جل جلاله: * (لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) * [آية: 118]، يعني حظا معلوما من كل ألف إنسان واحد في الجنة وسائرهم في النار، فهذا النصيب المفروض
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»