فنحن أهدى منكم وأولى بالله منكم، فأنزل عز وجل: * (ليس بأمانيكم) * معشر المؤمنين * (ولا أماني أهل الكتاب) * * (من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) * [آية: 123].
* (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) * [آية: 124]، * (من يعمل سوءا يجز به) *، نزلت في المؤمنين مجازات الدنيا تصيبهم في النكبة بحجر، والضربة واختلاج عرق أو خدش عود، أو عثره قدم فيدميه أو غيره، فبذنب قدم وما يعفو الله عنه أكبر، فذلك قوله سبحانه: * (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) * [الشورة: 30]، ثم قال: * (ولا يجد له من دون الله وليا) *، يعني قريبا ينفعه، * (ولا نصيرا) * يعني ولا مانعا يمنعه من الله عز وجل.
فلما افتخرت اليهود على المؤمنين بالمدينة بين الله عز وجل، أمر المؤمنين، فقال سبحانه: * (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) * بتوحيد الله عز وجل، * (فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) *، يعني ولا ينقصون من أعمالهم الحسنة نقيرا حتى يجازوا بها، يعني النقير الذي في ظهر النواة التي تنبت منه النخلة.
ثم اختار من الأديان دين الإسلام، فقال عز وجل: * (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله) *، يعني أخلص دينه لله، * (وهو محسن) * في عمله، * (واتبع ملة إبراهيم حنيفا) *، يعني مخلصا، * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) * [آية: 125]، يعني محبا، وأنزل الله عز وجل فيهم، * (هذان خصمان) *، يعني كفار أهل الكتاب، * (واختصموا) *، يعني ثلاثتهم: المسلمين واليهود والنصارى، * (في ربهم) * أنهم أولياء الله، ثم أخبر بمستقر الكافر، فقال: * (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار) * [الحج: 19]، يعني جعلت لهم ثياب من نار، إلى آخر الآية، ثم أخبر سبحانه بمستقر المؤمنين، فقال: * (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار) * إلى آخر الآية.
قوله: * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) *، والخليل الحبيب؛ لأن الله أحبه في كسره الأصنام، وجداله قومه، واتخذ الله إبراهيم خليلا قبل ذبح ابنه، فلما رأته الملائكة حين أمر بذبح ابنه، أراد المضي على ذلك، قالت الملائكة: لو أن الله عز وجل اتخذ عبدا حليلا