تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٢٥٠
فطعنه أسامة برمحه فقتله وسلبه وساق غنمه، فلما قدم المدينة أخبر أسامة النبي صلى الله عليه وسلم، فلامه النبي ملامة شديدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' قتلته وهو يقول: لا إله إلا الله؟ '، قال: إنما قال ذلك أراد أن يحرز نفسه وغنمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' أفلا شققت عن قلبه، فتنظر صدق أم لا '، قال: يا رسول الله، كيف يتبين لي؟ وإنما قلبه بضعة من جسده، فقال:
' فلا صدقته بلسانه، ولا أنت شققت عن قلبه فيبين لك '، فقال: استغفر لي يا رسول الله، قال: ' فكيف لك بلا إله إلا الله '، يقول ذلك ثلاث مرات، فاستغفر له النبي صلى الله عليه وسلم الرابعة.
قال أسامة في نفسه: وددت أني لم أسلم حتى كان يومئذ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة. قال مقاتل، رحمه الله: فعاش أسامة زمن أبي بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم، حتى أدرك علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فدعاه على، رحمه الله، إلى القتال، فقال أسامة: ما أحد أعز على منك، ولكن لا أقاتل مسلما بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم: ' كيف لك بلا إله إلا الله؟ '.
فإن أتيت بسيف إذا ضربت به مسلما، قال السيف: هذا مسلم، وإن ضربت به كافرا، قال لي: هذا كافر، قاتلت معك، فقال له علي: اذهب حيث شئت، فأنزل الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله) *، يعني سرتم غزاة في سبيل الله، * (فتبينوا) * من تقتلوا، * (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) *، يعني مرداس، وذلك أنه قال لهم: السلام عليكم إني مؤمن، * (لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا) *، يعني غنم مرداس، * (فعند الله مغانم كثيرة) * في الآخرة والجنة، * (كذلك) *، يعني هكذا، * (كنتم من قبل) * الهجرة بمنزلة مرداس تأمنون في قومكم بالتوحيد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقوكم، فلا تخيفون أحدا بأمر كان فيكم تأمنون بمثله قبل هجرتكم، * (فمن الله عليكم) * بالهجرة فهاجرتم، * (فتبينوا) * إذا خرجتم فلا تقتلوا مسلما، * (إن الله كان بما تعملون خبيرا) * [آية: 94]، فقال أسامة: والله لا أقتل رجلا بعد هذا يقول: لا إله إلا الله.
تفسير سورة النساء آية 95
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»