الأول: أن الله تعالى يريد أن يبين مواهبه ونعمه الشاملة للبشر والحيوان والكائنات الحية الأخرى التي لا يملك الإنسان أمر تغذيتها ولا يستطيعه.
الثاني: أن الله تعالى يريد تذكير الإنسان بأنه سبحانه هو الرازق، وقد تكفل بإيصال رزقه إلى كل محتاج له سواء كان بواسطة الإنسان أو بواسطة أخرى (1).
ويبدو لنا أن التفسير الأول أكثر صوابا، ويعزز ذلك الحديث المروي في تفسير علي بن إبراهيم، حيث يتناول معنى ومن لستم له برازقين على أنه:
(لكل ضرب من الحيوان قدرنا له مقدرا) (2).
أما آخر آية من الآيات المبحوثة، فتحوي جوابا لسؤال طالما تردد على أذهان كثير من الناس، وهو: لماذا لم تهيأ النعم والأرزاق بما لا يحتاج إلى سعي وكدح؟! فتنطق الحكمة الإلهية جوابا: وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم. فليست قدرتنا محدودة حتى نخاف نفاذ ما نملك، وإنما منبع ومخزن وأصل كل شئ تحت أيدينا، وليس من الصعب علينا خلق أي شئ وبأي وقت يكون، ولكن الحكمة اقتضت أن يكون كل شئ في هذا الوجود خاضعا لحساب دقيق، حتى الأرزاق إنما تنزل إليكم بقدر.
ونقرأ في مكان آخر من القرآن: ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء (3).