الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٠
* * * 2 بحوث 3 1 - التفؤل والتطير التفؤل والتطير كانا موجودين بين جميع الأمم ولا يزالان كذلك. ويظهر أن مصدرهما هو عدم القدرة على اكتشاف الحقائق، والغفلة عن علل الحوادث.
وعلى أية حال، ليست هناك آثار طبيعية فعلية لهذين الأمرين، ولكن لهما آثارا نفسية، إذ (التفاؤل) يبعث على الأمل بينما " التطير " يؤدي إلى اليأس والعجز.
ولأن الإسلام يؤكد دائما على الأمور الإيجابية، ويدفعها مشجعا إياها، لذا فإنه لم ينه عن (التفاؤل) ولكنه أدان وبشدة " التطير " حتى أنه في بعض الروايات اعتبر ذلك من الشرك، إذ جاء الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: " الطيرة شرك " وقد بحثنا هذا الموضوع بشكل مفصل في نهاية الآية (131) من سورة الأعراف (1).
الظريف في الأمر أن الإسلام يقوم دائما بتوجيه مثل هذه الأمور الوهمية ويحاول توظيفها في مجراها الصحيح والبناء، حتى يمكن الاستفادة منها.
فمثلا مما هو شائع بين الناس أن الزوجة الفلانية قدمها خير، بينما الأخرى قدمها في بيت زوجها شر ونحس، وكذلك شائع أن الزوجة الفلانية ومنذ أن دخلت بيت زوجها حصل كذا وكذا (خيرا أم شرا) بينما واقع الحال إن هذه الأمور خرافية وهمية، لكن الإسلام أعطى بعضها - من خلال توجيهه - شكلا بناءا ومضمونا تربويا، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) نقرأ: " من شؤم المرأة غلاء مهرها وشدة مؤنتها " (2). وفي حديث آخر عن رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) نقرأ: " أما الدار فشؤمها

1 - يراجع التفسير " الأمثل " عند تفسير قوله تعالى: فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه، وإن تصيبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه، ألا إنما طائرهم عند الله، ولكن أكثرهم لا يعلمون، (الأعراف 131).
2 - راجع وسائل الشيعة، ج 3، ص 104.
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»