يعتبرون ذلك فألا حسنا وجميلا. أما إذا تحرك الطير من اليسرى فإن ذلك في عرفهم وعاداتهم علامة الفأل السئ، أو ما يعرف بلغتهم بالتطير، من هنا فإن هذه الكلمة غالبا ما كانت تعني الفأل السئ في حين أن كلمة التفؤل (عكس التطير) كانت تشير إلى الفأل الجميل الحسن.
وفي الآيات القرآنية ورد مرارا أن " التطير " هو بمعنى الفأل السئ حيث يقول تعالى في الآية (131) من سورة الأعراف: وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه وفي الآية (47) من سورة النمل نقرأ أيضا: قالوا اطيرنا بك وبمن معك والآية تحكي خطاب المشركين من قوم صالح (عليه السلام) لنبيهم.
بالطبع عندما نقرأ الأحاديث والروايات الإسلامية نراها تنهى عن " التطير " وتجعل " التوكل على الله " طريقا وأسلوبا لمواجهة هذه العادة.
وفي كل الأحوال فإن كلمة " طائر " في الآية التي نبحثها، تشير إلى هذا المعنى بالذات، أو أنها على الأقل تشير إلى مسألة " الحظ وحسن الطالع " التي تقترب في أفق واحد مع قضية التفؤل الحسن والسئ، إن القرآن - في الحقيقة - يبين أن التفؤل الحسن والسئ أو الحظ النحس والجميل، إنما هي أعمالكم لا غير، والتي ترجع عهدتها إليكم وتتحملون على عاتقكم مسؤولياتها.
إن تعبير الآية الكريمة، بكلمتي " ألزمناه " و " في عنقه " تدلان بشكل قاطع على أن أعمال الإنسان والنتائج الحاصلة عن هذه الأعمال لا تنفصل عنه في الدنيا ولا في الآخرة، وهو بالتالي، وفي كل الأحوال عليه أن يكون مسؤولا عنها، إذ أن الملاك هو العمل دون غيره.
بعض المفسرين ذكروا في إطلاق معنى كلمة " طائر " على الأعمال الإنسانية أنها تعني أن الأعمال الحسنة والأعمال القبيحة للإنسان كالطير الذي يطير من بين جنباته، لذلك شبهوها (أي الأعمال) بالطائر.
وفي كل الأحوال، اختلف المفسرون في معنى كلمة طائر في هذه الآية،