الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٢٧
وقد أوردوا في ذلك مجموعة احتمالات منها أن " الطائر " بمعنى " حصيلة ما يجنيه الإنسان من أعماله الحسنة والسيئة "، أو أن الطائر بمعنى " الدليل والعلامة "، وبعضهم قال: إن معناه " صحيفة أعمال الإنسان " بينما ذهب البعض الآخر إلى أن معنى " الطائر " هو " اليمن والشؤم ".
ولكن الملاحظ في هذه التفسيرات جميعا، أن بعضها يرجع إلى نفس التفسير الذي ذكرناه في البداية، كما أن بعضها الآخر بعيد عن معنى الآية.
يقول القرآن بعد ذلك: ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. ومن الوضح أن المقصود من " الكتاب " في الآية الكريمة هي صحيفة الأعمال لا غير.
وهي نفس الصحيفة الموجودة في هذه الدنيا والتي تثبت فيها الأعمال، ولكنها هنا (في الدنيا) مخفية عنا ومكتومة، بينما في الآخرة مكشوفة ومعروفة.
إن التعبير القرآني في كلمتي " نخرج " و " منشورا " يشير إلى هذا المعنى، إذ نخرج وننشر ما كان مخفيا ومكتوما.
وبالنسبة الصحيفة الأعمال وحقيقتها وما يتعلق بها، فسيأتي البحث عنها في نهاية هذه الآيات.
في هذه اللحظة يقال للإنسان: اقرأ كتابك، وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبا يعني أن المسألة - مسألة المصير - بدرجة من الوضوح والعلنية والانكشاف، بحيث أن كل من يرى صحيفة الأعمال هذه سيحكم فيها على الفور - مهما كان مجرما - لماذا؟ لأن صحيفة الأعمال هذه - كما سيأتي - هي مجموعة من آثار الأعمال أو هي نفس الأعمال، وبالتالي فلا مجال لانكارها فإذا سمعت - أنا - صوتي من شريط مسجل، أو رأيت صورتي وهي تضبط قيامي ببعض الأعمال الحسنة أو السيئة، فهل أستطيع أن أنكر ذلك؟ كذلك صحيفة الأعمال في يوم القيامة، بل هي أكثر حيوية ودقة من الصورة والصوت!
الآية التي بعدها توضح أربعة أحكام أساسية فيما يخص مسألة الحساب
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»