الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤١٨
وفقدان الموازين هي أسوأ بلاء يصاب به الإنسان ويحول بينه وبين السعادة الحقيقية.
ما أكثر الناس الذين يضعون أنفسهم - بسبب من عجلتهم واندفاعاتهم المضطربة - على حافة الخطر ومشارف الضلال، وهم يظنون أنهم يسيرون نحو الأمن والاستقرار والهداية. إن مثل هؤلاء كمن هو غارق بالسوء والقبائح وهو يفتخر بما هو فيه!!
إن نتيجة العجلة والتسرع والإندفاع الأهوج لن تكون أحسن من هذه العاقبة.
من هنا يتضح - كما أشرنا سابقا - أن معنى " دعا " لا يقتصر لا على الرغبات التي يظهرها الإنسان على لسانه، ولا على تلك الرغبات التي يسعى لتحقيقها بسلوكه وبما يبذل لها من جهد، وإنما المعنى يشمل محصلة الاثنين معا. وأما ما ذهب إليه بعض المفسرين من حصر المعنى في أحدهما فليس ثمة دليل عليه.
أما ما يظهر من بعض الروايات من اقتصار المعنى على الدعاء اللفظي، فإن ذلك من قبيل بيان المصداق لا كل المفهوم من قبيل الرواية التي يقول فيها الإمام الصادق (عليه السلام): " وأعرف طريق نجاتك وهلاكك، كي لا تدعو الله بشئ عسى فيه هلاكك، وأنت تظن أن فيه نجاتك، قال الله تعالى: ويدع الإنسان بالشر دعائه بالخير وكان الإنسان عجولا.
من هنا يتبين أن أفضل طريق لوصول الإنسان إلى الخير والسعادة، هو أن يكون الفرد في كل خطوة وموقف على غاية قصوى من الدقة والحيطة والحذر، وأن يتجنب الاندفاع والعجلة والتسرع، ويدرس الموقف من جميع جوانبه، ويجانب الأحكام المتعجلة الممزوجة بالهوى والعاطفة، وأن يستعين بالله العزيز ويستمده القوة والعون.
الآية التي بعدها تتحدث عن تعاقب الليل والنهار ومنافع هذا التعاقب، لتجعل من هذا الشاهد مثالا على معرفة الله والتمعن بآياته، والمثال أيضا يفيد معنى
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»