نعم، فمع كل ما وصلت إليه البشرية من قوانين وأنظمة ما زال القرآن هو المتفوق وسيبقى.
وذكر سيد قطب في تفسيره: أن جمعا من الماديين في روسيا عندما أرادوا الانتقاص من القرآن في مؤتمر المستشرقين المنعقد في سنة (1954 م) قالوا: إن هذا الكتاب لا يمكن أن ينتج من ذهن إنسان واحد " محمد " بل يجب أن يكون حاصل سعي جمع كثير من الناس بما لا يصدق كونهم جميعا من جزيرة العرب، وإنما يقطع باشتراك جمع منهم من خارج الجزيرة (1).
ولقد كانوا يبحثون - وفقا لمنطقهم الإلحادي - عن تفسير مادي لهذا الأمر من جهة، وما كانوا يعقلون أن القرآن نتاج إشراقة عقلية لإنسان يعيش في شبه الجزيرة العربية من جهة أخرى، مما اضطرهم لأن يطرحوا تفسيرا مضحكا وهو:
اشتراك جمع كثير من الناس - في تأليف القرآن - من داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها!! على أن التاريخ ينفي ما ذهبوا إليه جملة وتفصيلا.
وعلى أية حال، فالآية المباركة دليل الإعجاز القرآني من حيث اللفظ والمضمون، فحلاوة القرآن وبلاغته وجاذبيته والتناسق الخاص في ألفاظه وعباراته ما يفوق قدرة أي إنسان. (قد كان لنا بحث مفصل في الإعجاز القرآني تناولناه في تفسير الآية (23) من سورة البقرة - فراجع).
وبلهجة المهدد المتوعد يبين القرآن الكريم أن حقيقة هذه الاتهامات والانحرافات ناشئة من عدم انطباع الإيمان في نفوس هؤلاء، فيقول: إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم.
لأنهم غير لائقين للهداية ولا يناسبهم إلا العذاب الإلهي، لما باتوا عليه من التعصب والعناد والعداء للحق.