الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٣١
وبعد الإجابة على هذه الأسئلة لا يبقى لنا إلا أن نقول: ليس النسخ سوى برنامج مؤقت في مراحل انتقالية.
(لقد بحثنا موضوع النسخ في تفسير الآية (36) من سورة البقرة - فراجع).
وتستمر الآية التالية بنفس الموضوع، وللتأكيد عليه تأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن:
قل نزله روح القدس من ربك بالحق.
" روح القدس " أو (الروح المقدسة) هو أمين الوحي الإلهي " جبرائيل الأمين "، وبواسطته كانت الآيات القرآنية تتنزل بأمر الله تعالى على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) سواء الناسخ منها أو المنسوخ.
فكل الآيات حق، وهدفها واحد يتركز في توجيه الإنسان ضمن التربية الربانية له، وظروف وتركيبة الإنسان استلزمت وجود الأحكام الناسخة والمنسوخة في العملية التربوية.
ولهذا، جاء في تكملة الآية المباركة: ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين.
يقول صاحب تفسير الميزان: إن تعريف الآثار بتخصيص التثبيت بالمؤمنين والهدى والبشرى للمسلمين إنما هو لما بين الإيمان والإسلام من الفرق، فالإيمان للقلب ونصيبه التثبيت في العلم والإذعان، والإسلام في ظاهر العمل ومرحلة الجوارح ونصيبها الاهتداء إلى واجب العمل والبشرى بأن الغاية هي الجنة والسعادة.
وعلى أية حال، فلأجل تقوية الروح الإيمانية والسير في طريق الهدى والبشرى لابد من برامج قصيرة الأمد ومؤقتة، وبالتدريج يحل البرنامج النهائي الثابت محلها، وهو سبب وجود الناسخ والمنسوخ في الآيات الإلهية.
وبعد أن فند القرآن شبهات المشركين يتطرق لذكر شبهة أخرى، أو على الأصح لذكر افتراء آخر لمخالفي نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول: ولقد نعلم أنهم
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»