الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٩٧
القرآن، وطلب من الغير ما هو موجود عنده.
وإضافة لتشخيص الآية المباركة مسألة أصالة واستقلال تعاليم الإسلام في كل الأمور، فقد حملت المسلمين مسؤولية البحث والدراسة في القرآن الكريم باستمرار ليتوصلوا لاستخراج كل ما يحتاجونه.
وقد أكدت الروايات الكثيرة على مسألة شمول القرآن ضمن تطرقها لهذه الآية وما شابهها من آيات.
منها: ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شئ حتى والله ما ترك شيئا تحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن، إلا وقد أنزله الله فيه " (1).
وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل لكل شئ حدا، وجعل عليه دليلا يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا " (2).
وجاء في الروايات الشريفة الإشارة إلى هذه المسألة أيضا. وهي أنه مضافا إلى ظواهر القرآن وما يفهمه منها العلماء وسائر الناس، فإن باطن القرآن بمثابة البحر الذي لا يدرك غوره، وفيه من المسائل والعلوم ما لا يدركها إلا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوصياؤه بالحق، ومن هذه الروايات ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل، ولكن لا تبلغه عقول الرجال " (3).
إن عدم إدراك العامة لهذا القسم من العلوم القرآنية الذي يمكننا تشبيهه ب‍ (عالم اللاشعور) لا يمنع من التحرك في ضوء (عالم الشعور) وعلى ضوء ظاهرة

1 - تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 74.
2 - المصدر السابق.
3 - تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 75.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»