الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٩٣
المعنى بوضوح: " من استن بسنة عدل فاتبع كان له أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شئ ومن استن سنة جور فاتبع كان عليه مثل وزر من عمل بها من غير أن ينتقص من أوزارهم شئ ".
وعلى أية حال، فالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة توضح مسؤولية الرؤساء والموجهين أمام الله وأمام الناس.
وتتناول الآية أيضا مسألة وجود الشهيد في كل أمة (والذي ذكر قبل آيات معدودة)، ولمزيد من التوضيح يقول القرآن الكريم: ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم.
ووجود هؤلاء الشهود، وعلى الخصوص من الأشخاص الذين ينهضون لهذه المهمة من وسط نفس الأمم، لا يتعارض مع علم الله تعالى وإحاطته بكل شئ، بل هو للتأكيد على مراقبة أعمال الناس، وللتنبيه على وجود المراقبة الدائمة بشكل قطعي.
ومع أن عموم الحكم في هذه الآية يشمل المجتمع الإسلامي والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن القرآن الكريم في مقام التأكيد قال: وجئنا بك شهيدا على هؤلاء.
وقيل إن المقصود ب‍ " هؤلاء " المسلمون الذين يعيشون في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الرقيب والناظر والشاهد على أعمالهم، ومن الطبيعي أن يكون ثمة شخص آخر يأتي بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليكمل طريقه فيكون شهيدا على الأمة (وهو من وسطها)، وينبغي أن يكون طاهرا من كل ذنب وخطيئة، ليتمكن من إعطاء الشهادة حقها.
ولهذا.. اعتمد بعض المفسرين (من علماء الشيعة والسنة) على كون الآية بمثابة الدليل على وجود شاهد، حجة، عادل، في كل عصر وزمان. وضرورة وجود الإمام المعصوم في كل زمان، وهذا المنطق يتفق مع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) دون غيرهم من المذاهب الإسلامية.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»