الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٩٥
* * * 2 بحثان 3 1 - القرآن تبيان لكل شئ:
من أهم ما تطرقت له الآيات المباركات هو أن القرآن مبين لكل شئ.
" تبيان " (بكسر التاء أو فتحها) له معنى مصدري (1)، ويمكن الاستدلال بوضوح على كون القرآن بيانا لكل شئ من خلال ملاحظة سعة مفهوم " كل شئ "، ولكن بملاحظة أن القرآن كتاب تربية وهداية للإنسان وقد نزل للوصول بالفرد والمجتمع - على كافة الأصعدة المادية والمعنوية - إلى حال التكامل والرقي، يتضح لنا أن المقصود من " كل شئ " هو كل الأمور اللازمة للوصول إلى طريق التكامل، والقرآن ليس بدائرة معارف كبيرة وحاوية لكل جزئيات العلوم الرياضية والجغرافية والكيميائية والفيزيائية... الخ، وإنما القرآن دعوة حق لبناء الإنسان، وصحيح أنه وجه دعوته للناس لتحصيل كل ما يحتاجونه من العلوم، وصحيح أيضا أنه قد كشف الستار عن الكثير من الأجزاء الحساسة في جوانب علمية مختلفة ضمن بحوثه التوحيدية والتربية، ولكن ليس ذلك الكشف هو المراد، وإنما توجيه الناس نحو التوحيد والتربية الربانية التي توصل الإنسان إلى شاطئ السعادة الحقة من خلال الوصول لرضوانه سبحانه.
ويشير القرآن الكريم تارة إلى جزئيات الأمور والمسائل، كما في بيانه لأحكم كتابة العقود التجارية وسندات القرض، حيث ذكر (18) حكما في أطول أية قرآنية وهي الآية (282) من سورة البقرة (2).

1 - نقل " الآلوسي " في (روح المعاني) عن بعض الأدباء: أن جميع المصادر على وزن (تفعال) تفتح تاؤها إلا مصدرين " تبيان " و " تلقاء ". ويعتبرها بعض مصدرا، وبعض آخر يعتبرها اسم مصدر.
2 - راجع ذيل تفسير الآية (282) من سورة البقرة.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»