الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٠٤
" مكروا السيئات ": بمعنى وضعوا الدسائس والخطط وصولا لأهدافهم المشؤمة السيئة، كما فعل المشركون للنيل من نور القرآن ومحاولة قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما مارسوه من إيذاء وتعذيب للمؤمنين المخلصين.
" يخسف ": من مادة " خسف "، بمعنى الاختفاء، ولهذا يطلق على اختفاء نور القمر في ظل الأرض اسم (الخسوف)، يقال (بئر مخسوف) للذي اختفى ماؤه، وعلى هذا يسمى اختفاء الناس والبيوت في شق الأرض الناتج من الزلزلة خسفا.
ثم يضيف: أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم أي عند ذهابهم ومجيئهم وحركتهم في اكتساب الأموال وجمع الثروات.
فما هم بمعجزين.
وكما قلنا سابقا، فإن " معجزين " من الإعجاز بمعنى إزالة قدرة الطرف الآخر، وهي هنا بمعنى الفرار من العذاب ومقاومته.
أو أن العذاب الإلهي لا يأتيهم على حين غفلة منهم بل بشكل تدريجي ومقرونا بالإنذار المتكرر: أو يأخذهم على تخوف.
فاليوم مثلا، يصاب جارهم ببلاء، وغدا يصاب أحد أقربائهم، وفي يوم آخر تتلف بعض أموالهم... والخلاصة، تأتيهم تنبيهات وتذكيرات الواحدة تلو الأخرى، فإن استيقظوا فما أحسن ذلك، وإلا فسيصيبهم العقاب الإلهي ويهلكهم.
إن العذاب التدريجي في هذه الحالات يكون لاحتمال أن تهتدي هذه المجموعة، والله عز وجل لا يريد أن يعامل هؤلاء كالباقين فإن ربكم لرؤوف رحيم.
ومن الملفت للنظر في الآيات مورد البحث، ذكرها لأربعة أنواع من العذاب الإلهي:
الأول: الخسف.
الثاني: العقاب المفاجئ الذي يأتي الإنسان على حين غرة من أمره.
الثالث: العذاب الذي يأتي الإنسان وهو غارق في جمع الأموال وتقلبه في
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»