4. (والنازعات غرقا * والناشطات نشطا * والسابحات سبحا * فالسابقات سبقا * فالمدبرات أمرا * يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة). (1) وها نحن نبحث عن أقسام سورة الصافات والذاريات في فصلين متتالين ونحيل بحث أقسام سورة المرسلات والنازعات إلى محلها حسب ترتيب السور.
وقبل الخوض في تفسير الآيات نقدم شيئا من التوحيد في التدبير:
إن من مراتب التوحيد في الربوبية والتدبير، بمعنى أنه ليس للعالم مدبر سواه، يقول سبحانه: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون). (2) فصدر الآية يركز على حصر الخالق في الله، كما يركز على أنه هو المدبر، وانه لو كان هناك سبب في العالم شفيع فإنما هو يؤثر بإذنه سبحانه، فالله هو الخالق وهو المدبر، قال سبحانه: (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الامر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون). (3) ويظهر من الآيات الكريمة أن العرب في العصر الجاهلي كانوا موحدين في الخالقية ولكن مشركين في الربوبية والتدبير، وكانوا ينسبون التدبير إلى الآلهة المكذوبة، ولذلك قرر سبحانه في الآيتين كلتا المرتبتين من التوحيد، وانه خالق، وانه مدبر، غير أن معنى التدبير في التوحيد ليس عزل العلل والأسباب المادية