والمجردة في تحقق العالم وتدبيره، بل المراد ان للكون مدبرا قائما بالذات متصرفا كذلك لا يشاركه في التدبير شئ، ولو كان هناك مدبر وحافظ فإنما هو يدبر بأمره وإذنه، فعندما يحصر القرآن الكريم التدبير في الله يريد التدبير على وجه الاستقلال، أي من يدبر بنفسه غير معتمد على شئ، وأما المثبت لتدبير غيره، فالمراد منه أنه يدبر بأمره وإذنه وحوله وقوته على النحو التبعي، فكل مدبر في الكون فهو مظهر أمره ومنفذ إرادته، وقد أوضحنا ذلك في الجزء الأول من مفاهيم القرآن.
ويظهر من غير واحد من الآيات أن الملائكة من جنوده سبحانه وانها وسائط بين الخالق والعالم، وانهم يقومون ببعض الأعمال في الكون بأمر من الله سبحانه، وستتضح لك أعمالهم في إدارة الكون في تفسير هذه الآية.
إن للعلامة الطباطبائي كلاما في كون الملائكة وسائط بينه سبحانه وبين الأشياء، حيث يقول: الملائكة وسائط بينه تعالى وبين الأشياء بدءا وعودا، على ما يعطيه القرآن الكريم، بمعنى انهم أسباب للحوادث فوق المادية في العالم المشهود قبل حلول الموت والانتقال إلى نشأة الآخرة وبعده.
أما في العود، أعني: حال ظهور آيات الموت، وقبض الروح، وإجراء السؤال، وثواب القبر وعذابه، وإماتة الكل بنفخ الصور وإحيائهم بذلك، والحشر وإعطاء الكتاب، ووضع الموازين، والحساب، والسوق إلى الجنة والنار، فوساطتهم فيها غني عن البيان، والآيات الدالة على ذلك كثيرة لا حاجة إلى إيرادها، والاخبار المأثورة فيها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) فوق حد الاحصاء.
وكذا وساطتهم في مرحلة التشريع من النزول بالوحي ودفع الشياطين عن